للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال (ض): سمعت قائلا يقول: ما صبر من أفشى (١) ولا سلم من تكلف، ولا رضي من سأل، ولا فوض من دبر، ولا توكل من دعا، وهي خمس، وما أحوجك لهذه الخمس أن تموت عليها، وقل: {ربي إني لما أنزلت إلي من خير فقير} (٢) فزدني من فضلك وإحسانك، واجعلني من الشاكرين لنعمائك.

وقال (ض): رأيت الصديق في المنام، وقال لي: تدري ما علامة خروج حب الدنيا من القلب، قلت: لا، قال؛ بذلها عند الوجد، ووجود الراحة عند الفقد، وقال (ض) يحكي عن أستاذه (٣) رحمه الله في قوله (ص): "يسروا ولا تعسروا، وسكنوا ولا تنفروا" (٤) أنه يعني: دلوهم على الله ولا تدلوهم على غيره، فإن من دلك على الدنيا، فقد غشك، ومن دلك على العمل، فقد أتعبك، ومن دلك على الله فقد نصحك، وفي الخبر: ليس الزهد بتحريم الحلال، ولا بإضاعة المال، إنما الزهد أن تكون بما في يد الله أوثق منك بما في يدك.

وقال الشيخ أبو الحسن (ض): قف بباب واحد لا لتفتح لك الأبواب، تفتح لك الأبواب، واخضع لسيد واحد لا لتخضع لك الرقاب، تخضع لك الرقاب، قال الله تعالى: {وإن من شيء إلا عندنا خزائنه} (٥).

وقال أيضا (ض): يئست من نفع نفسي لنفسي، فكيف، لا أيأس من نفع غيري لنفسي، ورجوت الله لغيري، فكيف لا أرجوه لنفسي، وسئل عن الكيمياء (٦) فقال: اقطع طمعك من الله أن يعطيك غير ما قسم لك،


(١) في خ وت ١: من أحسن.
(٢) القصص ٢٤.
(٣) هو ابن مشيش، وانظر قواعد التصوف للمؤلف ص ٤٤.
(٤) خرجه مسلم من حديث أنس بن مالك (ض) عن النبي (ص)، حديث رقم ١٧٣٤.
(٥) الحجر ٢١.
(٦) الكيمياء في القديم كانوا يعنون بها تحول الحجارة أو المعادن إلى ذهب، فهي مرتبطة عند القدماء بالسحر والتنجيم، وأصل الفكرة جاءت إلى العرب من الفلسفة اليونانية، انظر الموسوعة العربية الميسرة ٢/ ١٥٣.

<<  <   >  >>