للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

السابعة: نفس كالزاوق (١) ظاهره أبيض وباطنه أسود، إن أردت ضبطه تفلت، وإن أردت جمعه تشتت، لا تكاد تطلبه في بساط الحق إلا وجدته، ولا في بساط الباطل إلا وجدته، وأصله السواد، وصورته البياض، وهذا حال أكثر من يخالط الفقراء، وينتمي إليهم في هذه الأزمنة ممن لهم ذكاء وفطنة، يقولون من قول خير البرية، ويمرقون كما يمرق السهم من الرمية (٢) كما ورد في الحديث، فهم أشكل الأنواع وأبعدهم من موارد الانتفاع، وأكثر ما يوجد هذا النوع في أولاد أولئك النوع ممن للناس عليه إقبال، فإياك وإياهم فإنهم يتعبونك ولا ينفعونك، بل لا ينتفعون منك إلا القليل عند المصادفة (٣) فاعرف ذلك.

وأصل التدبير في ذلك كله بتلطيف النفوس بإصلاح التقوى، ثم تلطيف الأرواح بكباريت الاستقامة بعد تطهيرها من أوساخ البدع، ثم تلطيف الأجساد بأنواع التوجهات، وما هو إلا تهذيب، ثم تأديب، ثم تدريج ينتج وجود التقرب لكل من أهل له، وغير ما ذكر من النفوس لا عبرة به، فإهماله لازم وتركه واجب، لوجود الضرر به، ثم هذا الطريق مخطر لما فيه من الأطوار والأنواع والأخطار، وقل أن ينتج إلا مع صاحب همة وعزيمة، ويرحم الله من صنف في فن الأصل، فكان كلما ذكر المسألة قال: وعند اللقاء تبقى، ومبدأ هذا الطريق الموت، ومنتهاه الفوت، ونسماته من ريح الدبور، الذي هو أصل إهلاك قوم عاد، فهو طريق الإهلاك، فصاحبه لا يلتذ بالحق إلا من حيث استشعاره الاستهلاك فيه، فافهم.

...


(١) هو الزئبق.
(٢) جزء من حديث أبي سعيد الخدري (ض) في الخوارج، متفق عليه، انظر البخاري مع فتح الباري ٧/ ١٨٧، ومسلم حديث رقم ١٠٦٤.
(٣) في ت ١: (المصافحة).

<<  <   >  >>