عَنِ الْغَزْوِ، وَإِنَّمَا هُوَ تَخْلِيفُهُ إِيَّانَا، وَإِرْجَاؤُهُ أَمْرَنَا، عَمَّنْ حَلَفَ لَهُ،
وَاعْتَذَرَ إِلَيْهِ، فَقَبِلَ مِنْهُ. م (٧١١٦)
- وفي رواية: إنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا هَمَّ بِبَنِي الأَصْفَرِ أَنْ يَغْزُوَهُمْ، جَلَّى لِلنَّاسِ أَمْرَهُمْ، وَكَانَ قَلَّمَا أَرَادَ غَزْوَةً إِلَاّ وَرَّى عَنْهَا بِغَيْرِهَا , حَتَّى كَانَتِ الْغَزْوَةُ , فَاسْتَقْبَلَ حَرًّا شَدِيدًا، وَسَفَرًا وَعَدُوًّا جَدِيدًا , فَكَشَفَ لِلنَّاسِ الْوَجْهَ الَّذِي يَخْرُجُ بِهِمْ إِلَيْهِ، لِيَتَأَهَّبُوا أُهْبَةَ عَدُوِّهِمْ , فَتَجَهَّزَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَتَجَهَّزَ النَّاسُ مَعَهُ , وَطَفِقْتُ أَغْدُو لأَتَجَهَّزَ، فَأَرْجِعُ وَلَمْ أَقْضِ شَيْئًا، حَتَّى فَرَغَ النَّاسُ، وَقِيلَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم غَادٍ وَخَارِجٌ إِلَى وُجْهَةٍ , فَقُلْتُ: أَتَجَهَّزُ بَعْدَهُ بِيَوْمٍ، أَوْ يَوْمَيْنِ، ثُمَّ أُدْرِكُهُمْ , وَعَنْدِي رَاحِلَتَانِ , مَا اجْتَمَعَتْ عِنْدِي رَاحِلَتَانِ قَطُّ قَبْلَهُمَا , فَأَنَا قَادِرٌ فِي نَفْسِي، قَوِيٌّ بِعُدَّتِي , فَمَا زِلْتُ أَغْدُو بَعْدَهُ وَأَرْجِعُ، وَلَمْ أَقْضِ شَيْئًا، حَتَّى أَمْعَنَ الْقَوْمُ وَأَسْرَعُوا , وَطَفِقْتُ أَغْدُو لِلْحَدِيثِ , وَشَغَلَنِي الرَّحَّالُ , فَأَجْمَعْتُ الْقُعُودَ حَتَّى سَبَقَنِي الْقَوْمُ , وَطَفِقْت أَغْدُو فَلَا أَرَى إِلَاّ سَيِّئَ , لَا أَرَى إِلَاّ رَجُلاً مِمَّنْ عَذَرَ اللهُ، أَوْ رَجُلاً مَغْمُوصًا عَلَيْهِ فِي النِّفَاقِ , فَيُحْزِنُنِي ذَلِكَ , فَطَفِقْتُ أَعُدُّ الْعُذْرَ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا جَاءَ وَأُهَيِّئُ الْكَلَامَ , وَقَدَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَلَاّ يَذْكُرَنِي، حَتَّى نَزَلَ تَبُوكَ، فَقَالَ: فِي النَّاسِ بِتَبُوكَ، وَهُوَ جَالِسٌ: مَا فَعَلَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ؟ فَقَامَ إلَيْهِ
رَجُلٌ مِنْ قَوْمِي، فَقَالَ: شَغَلَهُ بُرْدَاهُ، وَالنَّظَرُ فِي عِطْفَيْهِ، قَالَ: فَتَكَلَّمَ رَجُلٌ آخَرُ، فَقَالَ: وَاللهِ، يَا رَسُولَ اللهِ , إِنْ عَلِمْنَا عَلَيْهِ إِلَاّ خَيْرًا , فَصَمَتَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا قِيلَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ أَظَلَّ قَادِمًا زَاحَ عَنِّي الْبَاطِلَ، وَمَا كُنْتُ أَجْمَعُ مِنَ الْكَذِبِ وَالْعُذْرِ , وَعَرَفْتُ أَنَّهُ لَنْ يُنْجِيَنِي مِنْهُ إِلَاّ الصِّدْقُ , فَأَجْمَعْتُ صِدْقَهُ , وَصَبَّحَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ، فَقَدِمَ , فَغَدَوْتُ إِلَيْهِ، فَإِذَا هُوَ فِي النَّاسِ جَالِسٌ فِي الْمَسْجِدِ، وَكَانَ إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ دَخَلَ الْمَسْجِدَ، فَرَكَعَ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ دَخَلَ عَلَى أَهْلِهِ، فَوَجَدْتُهُ جَالِسًا فِي الْمَسْجِدِ، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيَّ دَعَانِي، فَقَالَ: هَلُمَّ يَا كَعْبُ، مَا خَلَّفَك عَنِّي؟ وَتَبَسَّمَ تَبَسُّمَ الْمُغْضَبِ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ , لَا عُذْرَ لِي , مَا كُنْتُ قَطُّ أَقْوَى، وَلَا أَيْسَرَ مِنِّي حِينَ تَخَلَّفْتُ عَنْكَ , وَقَدْ جَاءَهُ الْمُتَخَلِّفُونَ يَحْلِفُونَ، فَيُقْبَلُ مِنْهُمْ، وَيَسْتَغْفِرُ لَهُمْ، وَيَكِلُ سَرَائِرَهُمْ فِي ذَلِكَ إِلَى اللهِ، عَزَّ وَجَلَّ، فَلَمَّا صَدَقْتُهُ، قَالَ: أَمَّا هَذَا فَقَدْ صَدَقَ، فَقُمْ حَتَّى يَقْضِيَ اللهُ فِيكَ مَا هُوَ قَاضٍ , فَقُمْتُ، فَقَامَ إِلَيَّ رِجَالٌ مِنْ بَنِي سَلِمَةَ، فَقَالُوا: وَاللهِ، مَا صَنَعْتَ شَيْئًا , وَاللهِ، إِنْ كَانَ لَكَافِيكَ مِنْ ذَنْبِكَ الَّذِي أَذْنَبْتَ، اسْتِغْفَارُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَكَ، كَمَا صَنَعَ ذَلِكَ لِغَيْرِكَ , فَقَدْ قَبِلَ مِنْهُمْ عُذْرَهُمْ،
وَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ , فَمَا زَالُوا يَلُومُونَنِي، حَتَّى هَمَمْتُ أَنْ أَرْجِعَ فَأُكَذِّبَ نَفْسِي، ثُمَّ قُلْتُ لَهُمْ: هَلْ قَالَ هَذِهِ الْمَقَالَةَ أَحَدٌ، أَوْ اعْتَذَرَ بِمِثْلِ مَا اعْتَذَرْتُ بِهِ؟ قَالُوا: نَعَمْ , قُلْتُ: مَنْ؟ قَالُوا: هِلَالُ بْنُ أُمَيَّةَ الْوَاقِفِيُّ، وَمُرَارَةُ بْنُ رَبِيعَةَ الْعَامِرِيُّ , وَذَكَرُوا لِي رَجُلَيْنِ صَالِحَيْنِ قَدْ شَهِدَا بَدْرًا، قَدْ اعْتَذَرَا بِمِثْلِ الَّذِي اعْتَذَرْتُ بِهِ , وَقِيلَ لَهُمَا مِثْلُ الَّذِي قِيلَ لِي، قَالَ: وَنَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ كَلَامِنَا، فَطَفِقْنَا نَغْدُو فِي النَّاسِ , لَا يُكَلِّمُنَا أَحَدٌ، وَلَا يُسَلِّمُ عَلَيْنَا أَحَدٌ، وَلَا يَرُدُّ عَلَيْنَا سَلَامًا , حَتَّى إِذَا مَضَتْ أَرْبَعُونَ لَيْلَةً، جَاءَنَا رَسُولُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: أَنِ اعْتَزِلُوا نِسَاءَكُمْ , فَأَمَّا هِلَالُ بْنُ أُمَيَّةَ، فَجَاءَتِ امْرَأَتُهُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَتْ لَهُ: إِنَّهُ شَيْخٌ قَدْ ضَعُفَ بَصَرُهُ , فَهَلْ تَكْرَهُ أَنْ أَصْنَعَ لَهُ طَعَامَهُ؟ قَالَ: لَا , وَلَكِنْ لَا يَقْرَبَنَّكِ، قَالَتْ: إِنَّهُ وَاللهِ، مَا بِهِ حَرَكَةٌ إِلَى شَيْءٍ , وَاللهِ، مَا زَالَ يَبْكِي مُنْذُ كَانَ مِنْ أَمْرِهِ مَا كَانَ إِلَى يَوْمِ هَذَا، قَالَ: فَقَالَ لِي بَعْضُ أَهْلِي: لَوْ اسْتَأْذَنْتَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي امْرَأَتِكَ، كَمَا اسْتَأْذَنَتِ امْرَأَةُ هِلَالِ بْنِ أُمَيَّةَ , فَقَدْ أَذِنَ لَهَا أَنْ تَخْدِمَهُ، قَالَ: فَقُلْتُ: وَاللهِ، لَا أَسْتَأْذِنُهُ فِيهَا , وَمَا أَدْرِي مَا يَقُولُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِنِ اسْتَأْذَنْتُهُ , وَهُوَ شَيْخٌ كَبِيرٌ، وَأَنَا رَجُلٌ شَابٌّ ,
فَقُلْتُ لاِمْرَأَتِي: الْحَقِي بِأَهْلِكِ، حَتَّى يَقْضِيَ اللهُ مَا هُوَ قَاضٍ , وَطَفِقْنَا نَمْشِي فِي النَّاسِ، وَلَا يُكَلِّمُنَا أَحَدٌ، وَلَا يَرُدُّ عَلَيْنَا سَلَامًا، قَالَ: فَأَقْبَلْتُ حَتَّى تَسَوَّرْتُ جِدَارًا لاِبْنِ عَمٍّ لِي فِي حَائِطِهِ , فَسَلَّمْتُ، فَمَا حَرَّك شَفَتَيْهِ يَرُدُّ عَلَيَّ السَّلَامَ , فَقُلْتُ: أُنْشِدُكَ بِاللهِ, أَتَعْلَمُ أَنِّي أُحِبُّ اللهَ وَرَسُولَهُ؟ فَمَا كَلَّمَنِي كَلِمَةً، ثُمَّ عُدْتُ فَلَمْ يُكَلِّمْنِي، حَتَّى إِذَا كَانَ فِي الثَّالِثَةِ، أَوِ الرَّابِعَةِ، قَالَ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ , فَخَرَجْتُ، فَإِنِّي لأَمْشِي فِي السُّوقِ، إِذَا النَّاسُ يُشِيرُونَ إِلَيَّ بِأَيْدِيهِمْ , وَإِذَا نَبَطِيٌّ مِنْ نَبَطِ الشَّامِ يَسْأَلُ عَنِّي , فَطَفِقُوا يُشِيرُونَ لَهُ إِلَيَّ، حَتَّى جَاءَنِي، فَدَفَعَ إِلَيَّ كِتَابًا مِنْ بَعْضِ قَوْمِي بِالشَّامِ، أَنَّهُ قَدْ بَلَغَنَا مَا صَنَعَ بِكَ صَاحِبُكَ، وَجَفْوَتُهُ عَنْكَ، فَالْحَقْ بِنَا , فَإِنَّ اللهَ لَمْ يَجْعَلْكَ بِدَارِ هَوَانٍ، وَلَا دَارِ مَضْيَعَةٍ , نُوَاسِكَ فِي أَمْوَالِنَا، قَالَ: قُلْتُ: إِنَّا ِللهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، قَدْ طَمِعَ فِيَّ أَهْلُ الْكُفْرِ , فَيَمَّمْتُ بِهِ تَنُّورًا فَسَجَرْتُهُ بِهِ , فَوَاللهِ إِنِّي لَعَلَى تِلْكَ الْحَالِ الَّتِي قَدْ ذَكَرَ اللهُ , قَدْ ضَاقَتْ عَلَيْنَا الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ , وَضَاقَتْ عَلَيْنَا أَنْفُسُنَا , صَاحِبَةُ خَمْسِينَ لَيْلَةً مِنْ نَهْيٍ عَنْ كَلَامِنَا , أُنْزِلَتْ التَّوْبَةُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ آذَنَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِتَوْبَةِ اللهِ عَلَيْنَا، حِينَ صَلَّى الْفَجْرَ , فَذَهَبَ النَّاسُ يُبَشِّرُونَنَا , وَرَكَضَ رَجُلٌ
إِلَيَّ فَرَسًا، وَسَعَى سَاعٍ مِنْ أَسْلَمَ، فَأَوْفَى عَلَى الْجَبَلِ , وَكَانَ الصَّوْتُ أَسْرَعَ مِنْ الْفَرَسِ , فَنَادَى: يَا كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ , أَبْشِرْ , فَخَرَرْتُ سَاجِدًا، وَعَرَفْتُ أَنْ قَدْ جَاءَ الْفَرَجُ، فَلَمَّا جَاءَنِي الَّذِي سَمِعْتُ صَوْتَهُ حَصَصْتُ لَهُ ثَوْبَيْنِ بِبُشْرَاهُ , وَوَاللهِ مَا أَمْلِكُ يَوْمَئِذٍ ثَوْبَيْنِ غَيْرَهُمَا , وَاسْتَعَرْتُ ثَوْبَيْنِ , فَخَرَجْتُ قِبَلَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَقِيَنِي النَّاسُ فَوْجًا فَوْجًا، يُهَنِّئُونَنِي بِتَوْبَةِ اللهِ عَلَيَّ، حَتَّى دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ، فَقَامَ إِِلَيَّ طَلْحَةُ ابْنُ عُبَيْدِ اللهِ يُهَرْوِلُ، حَتَّى صَافَحَنِي وَهَنَّأَنِي , مَا قَامَ إِلَيَّ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ غَيْرُهُ , فَكَانَ كَعْبٌ لَا يَنْسَاهَا لِطَلْحَةَ، ثُمَّ أَقْبَلْتُ حَتَّى وَقَفْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، كَأَنَّ وَجْهَهُ قِطْعَةُ قَمَرٍ , كَانَ إِذَا سُرَّ اسْتَنَارَ وَجْهُهُ كَذَلِكَ , فَنَادَانِي: هَلُمَّ يَا كَعْبُ , أَبْشِرْ بِخَيْرِ يَوْمٍ مَرَّ عَلَيْكَ مُنْذُ وَلَدَتْكَ أُمُّكَ، قَالَ: فَقُلْتُ: أَمِنْ عَنْدِ اللهِ، أَمْ مِنْ عَنْدِكَ؟ قَالَ: لَا , بَلْ مِنْ عَنْدِ اللهِ , إِنَّكُمْ صَدَقْتُمْ اللهَ فَصَدَّقَكُمْ، قَالَ: فَقُلْتُ: إِِنَّ مِنْ تَوْبَتِي الْيَوْمَ أَنْ أُخْرِجَ مِنْ مَا لِي صَدَقَةً إِلَى اللهِ وَإِلَى رَسُولِهِ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: أَمْسِكْ عَلَيْكَ بَعْضَ مَالِكَ , قُلْتُ: أُمْسِكُ سَهْمِي بِخَيْبَرَ، قَالَ كَعْبٌ: فَوَاللهِ مَا أَبْلَى اللهُ رَجُلاً فِي صِدْقِ الْحَدِيثِ مَا أَبْلَانِي. ش (٣٦٩٩٦)
- وفي رواية: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَلَّمَا يُرِيدُ غَزْوَةً يَغْزُوهَا، إِلَاّ وَرَّى بِغَيْرِهَا، حَتَّى كَانَ غَزْوَةُ تَبُوكَ، فَغَزَاهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَرٍّ شَدِيدٍ، اسْتَقْبَلَ سَفَرًا بَعِيدًا وَمَفَازًا، وَاسْتَقْبَلَ غَزْوَ عَدُوٍ كَثِيرٍ، فَجَلَا لِلْمُسْلِمِينَ أَمْرَهُمْ، لِيَتَأَهَّبُوا أُهْبَةَ عَدُوِّهِمْ، أَخْبَرَهُمْ بِوَجْهِهِ الَّذِي يُرِيدُ. ((١٥٨٧٤)
- وفي رواية: سَمِعْتُ أَبِي كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ، وَهْوَ أَحَدُ الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ تِيبَ عَلَيْهِمْ، أَنَّهُ لَمْ يَتَخَلَّفْ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَةٍ غَزَاهَا قَطُّ، غَيْرَ غَزْوَتَيْنِ، غَزْوَةِ الْعُسْرَةِ، وَغَزْوَةِ بَدْرٍ، قَالَ: فَأَجْمَعْتُ صِدْقَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ضُحًى، وَكَانَ قَلَّمَا يَقْدَمُ مِنْ سَفَرٍ سَافَرَهُ إِلَاّ ضُحًى، وَكَانَ يَبْدَأُ بِالْمَسْجِدِ، فَيَرْكَعُ رَكْعَتَيْنِ، وَنَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ كَلَامِي وَكَلَامِ صَاحِبَيَّ، وَلَمْ يَنْهَ عَنْ كَلَامِ أَحَدٍ مِنَ الْمُتَخَلِّفِينَ غَيْرِنَا، فَاجْتَنَبَ النَّاسُ كَلَامَنَا، فَلَبِثْتُ كَذَلِكَ حَتَّى طَالَ عَلَيَّ الأَمْرُ، وَمَا مِنْ شَيْءٍ أَهَمُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَمُوتَ، فَلَا يُصَلِّي عَلَيَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، أَوْ يَمُوتَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَكُونَ مِنَ النَّاسِ بِتِلْكَ الْمَنْزِلَةِ، فَلَا يُكَلِّمُنِي أَحَدٌ مِنْهُمْ، وَلَا يُصَلِّي عَلَيَّ، فَأَنْزَلَ اللهُ تَوْبَتَنَا عَلَى نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم، حِينَ بَقِيَ الثُّلُثُ الآخِرُ مِنَ اللَّيْلِ، وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ أُمِّ سَلَمَةَ، وَكَانَتْ أُمُّ سَلَمَةَ مُحْسِنَةً فِي شَأْنِي، مَعْنِيَّةً فِي أَمْرِي، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: يَا أُمَّ سَلَمَةَ، تِيبَ عَلَى كَعْبٍ، قَالَتْ: أَفَلَا أُرْسِلُ إِلَيْهِ فَأُبَشِّرَهُ؟ قَالَ: إِذًا يَحْطِمَكُمُ النَّاسُ، فَيَمْنَعُونَكُمُ النَّوْمَ سَائِرَ اللَّيْلَةِ، حَتَّى إِذَا صَلَّى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم صَلَاةَ الْفَجْرِ، آذَنَ بِتَوْبَةِ اللهِ عَلَيْنَا، وَكَانَ إِذَا اسْتَبْشَرَ اسْتَنَارَ وَجْهُهُ، حَتَّى
كَأَنَّهُ قِطْعَةٌ مِنَ الْقَمَرِ، وَكُنَّا أَيُّهَا الثَّلَاثَةُ الَّذِينَ خُلِّفُوا عَنِ الأَمْرِ الَّذِي قُبِلَ مِنْ هَؤُلَاءِ الَّذِين اعْتَذَرُوا، حِينَ أَنْزَلَ اللهُ لَنَا التَّوْبَةَ، فَلَمَّا ذُكِرَ الَّذِينَ كَذَبُوا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْمُتَخَلِّفِينَ، وَاعْتَذَرُوا بِالْبَاطِلِ، ذُكِرُوا بِشَرِّ مَا ذُكِرَ بِهِ أَحَدٌ، قَالَ اللهُ سُبْحَانَهُ: ?يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذَا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ قُلْ لَا تَعْتَذِرُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكُمْ قَدْ نَبَّأَنَا اللهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ وَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ? الآيَةَ. خ (٤٦٧٧)
- وفي رواية: عَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، فِي قِصَّتِهِ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ مِنْ تَوْبَتِي إِلَى اللهِ، أَنْ أَخْرُجَ مِنْ مَا لِي كُلِّهِ إِلَى اللهِ، وَإِلَى رَسُولِهِ صَدَقَةً، قَالَ: لَا، قُلْتُ: فَنِصْفَهُ، قَالَ: لَا، قُلْتُ: فَثُلُثَهُ. قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: فَإِنِّي سَأُمْسِكُ سَهْمِي مِنْ خَيْبَرَ. د (٣٣٢١)
أخرجه أحمد ٣/ ٤٥٦ (١٥٨٧٤) قال: حدَّثنا عَتَّاب بن زِيَاد، قال: حدَّثنا عَبْد الله، قال: أَخْبَرنا يُونُس. وفي (١٥٨٨٢) قال: حدَّثنا يَعْقُوب بن إبراهيم، حدَّثنا ابن أخي الزُّهْرِي، مُحَمد بن عَبْد الله. وفي ٣/ ٤٥٩ (١٥٨٨٣) قال: حدَّثنا حَجَّاج، قال: حدَّثنا لَيْث بن سَعْد، قال: حدَّثني عُقَيْل بن خالد. و"البُخَارِي" ٤/ ٩ (٢٧٥٧) و ٤/ ٥٨ (٢٩٤٧) و ٤/ ٢٢٩ (٣٥٥٦) و ٥/ ٦٩ (٣٨٨٩) و ٥/ ٩٢ (٣٩٥١) و ٦/ ٣ (٤٤١٨) و ٦/ ٨٦ (٤٦٧٣) و ٦/ ٨٩ (٤٦٧٨) و ٨/ ٧٠ (٦٢٥٥) و ٩/ ١٠٢ (٧٢٢٥) قال: حدَّثنا يَحيى بن بُكَيْر، حدَّثنا اللَّيْث، عن عُقَيْل. وفي ٥/ ٦٩ (٣٨٨٩ م) و ٦/ ٨٧ (٤٦٧٦) قال: حدَّثنا أحمد بن صالح، حدَّثنا عَنْبَسَة، حدَّثنا يُونُس. وفي ٦/ ٨٧ (٤٦٧٦) و ٨/ ١٧٥ (٦٦٩٠) قال: حدَّثنا أحمد بن صالح،