والأمر كذلك في ألفاظ القرآن: ما من لفظ فيه يمكن أن يقوم غيره مقامه وذلك ما أدركه العرب الخلَّص الفصحاء الذين نزل فيهم القرآن.
وأحتاج هنا إلى نظر في مشكلة الترادف التي طال الجدل فيها والخلاف عليها.
ولا يشغلنا تعدد الألفاظ للمعنى الواحد، إذا كان عن اختلاف لغات القبائل العربية. وذلك ما لا خلاف فيه، فيما أعلم.
وإنما يشغلنا الترادف حين يقال بتعدد الألفاظ للمعنى الواحد، دون أن يرجع هذا الترادف إلى تعدد اللغات، أو يكون بين الألفاظ المقول بترادفها قرابة صوتية.
منا من يَعُدُّ هذا التعدد ظاهرةَ فقدان الحس اللغوي وعدم قدرته على ضبط الدلالات وتحديد معاني الألفاظ. أو يراه من الفضول والتزيد الذي لا فائدة فيه.
ومن من يراه ظاهرة ثراء وسعة وقدرة على التصرف. وما أكثر من يباهون بهذه الثروة اللغوية ويعدونها ميزة من مزايا العربية الشريفة!
وإن يكن تقدم الدراسات اللغوية قد جاوز بنا مرحلة المفاضلة الساذجة بين لغتنا وغيرها من اللغات، ووجَّهنا إلى البحث في خصائص العربية منتفعين بما هدت إليه البحوث العلمية في اللغويات والصوتيات، فلم تعد كثرة الألفاظ الدالة على الكعنى الواحد، مدعاة فخر ومباهاة، وإنما أصبحت قضية تلتمس حلاً.
* * *
وحين ننظر فيما وصل إلينا من كتب اللغة ومعاجمها، نراها تسلك مسلكين متغايرين: