"أمرنا" بالطاعة "ففسقوا" أي أن المترف إذا أمِر بالطاعة خلف إلى الفسوق، وقرأ الحسن: آمرنا، وروى عنه: أمِرنا، ولا ندري أنها حُفظت عنه، لأنا لا نعرف معناها ها هنا، ومعنى آمرنا بالمد: كثَرنا. وقرأ أبو العالية الرِياحى: أمَّرنا، وهو موافق لتفسير ابن عباس، وذلك أنه قال: سلطنا رؤساءها ففسقوا فيها (٢ / ١١٩) والجمهور على القراءة بالتخفيف: {أَمَرْنَا}
وأسند البخاري عن عبد الله، بن مسعود - رضي الله عنه -، قال: كنا نقول للحي إذا كثروا في الجاهلية: أمِروا (ك التفسير) الإسراء، باب {وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً} الآية ومعه في (فتح الباري) بعد نقل كلام الفراء: واختار الطبري قراءة الجمهور، واختار في تأويلها حملها على الظاهر وقال: المعنى: أمرنا مترفيها بالطاعة ففسقوا، ثم أسنده عن ابن عباس. وقد أنكر الزمخشري هذا التأويل وبالغ كعادته، وعمده إنكاره حذف ما لا دليل عليه، وتُعِقبّ بأن السياق يدل عليه، كقولك: أمرته فعصاني، أي بطاعتي، وكذا: أمرته فامتثل (٨ / ٢٧٥) ومعه تأويل الطبري لآية الإسراء (١٥ / ٤٢) وأنشد الشاهد من قول لبيد. وقال الراغب: أي أمرناهم بالطاعة، لا يؤخذ من ظاهر النص وإنما على تقدير الطاعة مأموراً بها. . .
وفي الآية قراءة بالتشديد "أّمرنا مترفيها" أي جعلناهم أمراء. (المفردات) وبالتخفيف "أمَرْنا" قراءة الأئمة السبعة، وجهها كما قال الحافظ ابن حجر في الفتح. والله أعلم.
* * *
١١٥ - {يَفْتِنَكُمُ}
وسأل نافع عن معنى قول الله - عز وجل -: {أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا}
قال ابن عباس: أن يضلكم الذين كفروا بالعذاب والجهد.
واستشهد بقول الشاعر:
كلُّ امرئ من عبادِِ الله مضُطَهِدٍ. . . بِبَطْنِ مَكةَ مقهورٍ ومفتونِ