للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والمحققون من فقهاء العربية لم ينكروا الترادف في الألفاظ التي تختلف حروفها وموادها فحسب، بل أنكروه كذلك في الألفاظ تتفق مادتها وحروفها، وتختلف صِيَغُها وأبنيتها - إلا أن يجئ ذلك في لغتين - بل إنه لا يجوز أن تختلف الحركتان في الكلمتين ومعناهما واحد.

ونقل "أبو هلال" من ذلك مثلاً، صيغ المبالغة: "إذا كان الرجل قوياً على الفعل قيل فعول، مثل صبور وشكور. وإذا فعل الفعل وقتاُ بعد وقت، قيل فعَّال، مثل علام وصبَّار. وإذا كان ذلك عادة له قيل مفعال، مثل معوان ومعطاء. ومن لا يتحقق المعاني يطن أن ذلك كله يفيد المبالغة فقط. وليس الأمر كذلك. بل هي مع إفادتها المبالغة تفيد المعاني التي ذكرناها.

"وكذلك قولنا: فعلت، يفيد خلاف قولنا: أفعلت، في جميع الكلام، إلا ما كان من لغتين. فقولك: سيقت الرجل، يفيد أنك أعطيتة ما يشربه أو صببته في حلقه. وأسقيته: يفيد أنك جعلت له سقيا أو حظاً من المائ. وقولك: شرقت الشمس، يفيد خلافَ غرُبت، واشرقت يفيد أنها صارت ذات إشراق.

"فأما قول بعض أهل اللغة إن الشَّعَر والشَّعْر، والنهَر، والنَّهْر بمعنى واحد، فإن ذلحك لغتان. وإذا كان اختلاف الحركات يوجب اختلاف المعاني، فاختلاف المعاني أنفسها أولى أن يكون كذلك"

* * *

ويجلو لنا كتاب العربية الأكبر، هذا الملحظ الدقيق من فروق الدلالات بين الألفاظ تختلف حركاتها أو صِيَغُها من المادة الواحدة. . .

من ذلك مثلاً:

<<  <   >  >>