من قول الشعراء والسحرة والكهان. حتى انتهوا آخر الأمر إلى رأي الوليد ابن المغيرة المخزومي": أن يقولوا: إن محمداً جاء بكلام هو السحر يفرق بين المرء وأخيه وأبيه، وبين المرء وزوجه وولده وعشيرته الأدنين.
هو إذن سحر البيان يعرفون سلطانه على الوجدان العربي، فهم في خشية من أن يدرك العرب، كل العرب لا البلغاء والشعراء منهم فحسب، إعجاز البيان القرآني.
أو هذا هو ما فهمتُه من وصفهم القرآن بالشعر والسحر، لا على أنهم حملوه حقيقة على النسق المألوف من شعر شعرائهم.
وهو أحد وجهين صحًّا لدى الباقلانى.
وأما الوجه الآخر مما صح عنده، فهو "أن يكون محمولاً على ما كان يطلق الفلاسفة على حكمائهم وأهل الفطنة منهم في وصفهم إياه بالشعر، لدقة نظرهم في وجوه الكلام وطرق لهم في المنطق، وإن كان ذلك الباب خارجاًَ عما هو عند العرب شعر على الحقيقية".
ونضيف في رد هذا الوجه: أن العرب في عصر المبعث يعرفون مذهب الفلاسفة في وصف حكمائهم وذوي الفطنة منهم بالشعر، ولا كانوا يحملون الشعر على دقة النظر في وجوه الكلام وطرق لحكمائهم في المنطق!
ثم لا نتعلق بما تصدى له "الباقلانى" من رفض ما قد يزعمه زاعم من إنه وجد في القرآن شعراً. وأورد منه عدداً من الأمثلة، فيها أبيات لأبي نواس - وأين هو من عصر المبعث! - بها عبارات قرآنية على وجه التضمين، لا على وجه كونه شعراً في القرآن.
ذلك زعم يحتمل أن يكون قيل بعد عصر المبعث، ورد عليه الجاحظ من