للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولقد أملى لهم في هذا الجدل السقيم والمماراة الفاحشة، أن "محمد ابن عبد الله" يقر بأنه بشر مثلهم، وأنه لم يأتيهم بآية مما اقترحوه عليه.

وردًّا على هذه المزاعم الجدلية من المشركين، بدأ القرآن من أواسط العهد المكي - الذي أشتد فيه الجدل على ما نقلنا - يواجههم بالتحدي والمعاجزة، حسماً لكل جدل أو ريب فيه، وبرهاناً قاطعاً على إعجازه، وحجة بالغة على من زعموا أن محمداً - صلى الله عليه وسلم - تقوله وافتراه أو اكتتبه من أساطير الأولين.

وأول ما نزل من آيات المعاجزة، آية الإسراء المكية، ردًّا على من جحدوا نبوة الرسول لكونه بَشَراً مثلهم، فكان إعجاز القرآن مع الإقرار ببشرية الرسول عليه الصلاة والسلام، تحدياً جهيراً لهؤلاء الذين أبوا إلا كفوراً واستكباراً:

{قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا (٨٨) وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا (٨٩) وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا (٩٠) أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهَارَ خِلَالَهَا تَفْجِيرًا (٩١) أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ قَبِيلًا (٩٢) أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا (٩٣) وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى إِلَّا أَنْ قَالُوا أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا رَسُولًا (٩٤) قُلْ لَوْ كَانَ فِي الْأَرْضِ مَلَائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ مَلَكًا رَسُولًا (٩٥) قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا} ٨٨: ٩٦

بل هو بشر رسول لا ريب في بشريته المماثلة لبشرية سائر الناس، وهذا

<<  <   >  >>