ذلك نحو: تنوء بها عجيزتها، وإنما توء هى بهاكما ينوء البعير بحمله.
وبعض الكوفيين ينكره. . وقالوا: نوؤها بالعصبة أن تثقلهم، كما قال تعالى: (آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا) أي آتوني بقطر. . وهذا القول الآخر أوْلَى بالصواب، وإذا وُجه: ما إن العصبة لتنهض بمفاتحه لم يكن فيه دلالة على كثرة كنوزه، على نحوما إذا وُجه إلى أن معناه إذ مفاتحه تُثقل العصبة وتميلها لأنه قد تنهض العصبة بالقليل وبالكثير وإنما قصد جل ثناؤه الخبرَ عن كثرة ذلك. وإذا أريد به الخبر عن كثرته كان قول من قال: لتنوء العصبة بمفاتحه، لا معنى له. هذا مع خلافه تأويل السلف.
وقال القرطبى: أحسن ما قيل فيه: إن المعنى لتنىَء العصبة أي تميلهم بثقلها،
فلما انفتحت التاء دخلت الباء كما قالوا: هو يذهب بالبؤس ويذهب البؤسَ ".
وهو قول الفراء.
وفى البحر المحيط لأبي حيان: قال أبو زيد: نؤت بالحمل إذا نهضت به. .
ويقال: ناء ينوء إذا نهض بثقل.
وقال أبوعبيدة: هو مقلوب، وأصله: لتنوء بها العصبة.
والقلب بابُه الشعرُ، والصحيح أن الباء للتعدية، أي لتنىء العصبةَ،
كما تقول: ذهبت به وأذهبته. .
ونقل هذا عن الخليل وسيبويه والفراء، واختاره النحاس، ورُوِىَ معناه عن ابن عباس وأبى صالح والسدى.
ورده الراغب إلى النوء: سقوط النجم وميله للغروب وقالوا: ناء به الحمل
أثقله وأماله، وناء فلان أثقل فسقط. (المفردت) .
والذى يظهر لنا من إمعان النظر فى أقوالهم، أن: ناء بالحمل بمعنى نهض به
مثقلا، وناء به الحمل أثقله وأعياه وأماله. فكان وجه العدول فى البيان القرآني عن لتنوء بها العصبة، إلى (لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ) تقرير لكونها من الكثرة بحيث يعييهم النهوضً بها. والله أعلم