للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا} .

لكن "الباقلانى" فهم من معاجزة الجن "أن نظم القرآن وقع موقعاً من البلاغة يخرج عن عادة كلام الجن (؟!) كما يخرج عن عادة كلام الإنس، فهم يعجزون عن الإتيان بمثله كعجزنا ويقصرون دونه كقصورنا، وقد قال الله - عز وجل -:

{قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا} .

"فإن قيل: هذه دعوى منكم وذلك أولئك أنه لا سبيل لنا إلى أن نعلم عجز الجن عن الإتيان بمثله وقد يجوز أن يكونوا قادرين على الإتيان بمثله إن كنا عاجزين، كما أنهم قد يقدرون على أمور لطيفة وأسباب غامضة دقيقة لا نقدر نحن عليها ولا سبيل لنا للطفها إليها، وإذا كان كذلك لم يكن إلى علم ما ادعيتم سبيل.

"قيل: قد يمكن أن نعرف ذلك بجزاء بخبر الله - عز وجل -، وقد يمكن أن يقال إن الكلام خرج على ما كانت العرب تعتقده من مخاطبة الجن وما يروون لهم من الشعر ويحكون عنهم من الكلام. وقد علمنا أن ذلك محفوظ عندهم منقول عنهم. والقدر الذي نقلوه من ذلك قد تأملناه فهو في الفصاحة لا يتجاوز حد فصاحة الإنس، ولعله يقصر عنها. ولا يمتنع أن يسمع الناس كلامهم، ويقع بينهم وبينهم محاورات في عهد الأنبياء صلوات الله عليهم، وذلك الزمان مما لا يمتنع فيه وجود ما ينقض العادات. على أن القوم إلى الآن يعتقدون مخاطبة الغيلان، ولهم أشعار محفوظة مدونة في دواوينهم. . . ".

ونقل بعدها مختارات في كلام الغيلان أو وصفها، من شعر تأبط شراً، وشمير بن الحارث الضبى، وعبيد بن أيوب، وذي الرمة.

<<  <   >  >>