للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من علماء العربية من تحرجوا كذلك من تأويل المتشابه والغريب والأضداد.

"كان الأصمعي وهو إمام، لا يفسر شيئا من غريب القرآن.

وحُكى عنه أنه سئل عن معنى (قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا) فسكت وقال: هذا فى القرآن، ثم ذكر قول بعض العرب لقوم أرادوا بيع جارية لهم: "أتبيعونها وهى لكم شغاف، (البرهان فى علوم القرآن: معرفة غريبه) .

وأبو حاتم السجستاني، من أعلام البصريين علماء اللغة والقرآن - توفى حوالى سنة ٢٥٠ هـ - كان شديد التحرج من تأويل ما يكون من الأضداد فى القرآن، والضيق بمن تجاسروا على تأويلها بما عندهم من علم بالعربية.

من ذلك على سبيل المثال، من كتابه (الأضداد) :

(خاف) : كان أبو عبيدة يقول: خاف من الخوف، ومن اليقين، وكان يقول فى قوله تعالى: (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا) : يريد أيقنتم. ولا علم لى بهذا لأنه قرآن وإنما نحكيه عن رب العالمين، ولا ندرى لعله ليس كماي ظن أبو عبيدة.

(عسعس) : قال أيو عبيدة (وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ) : أقبل ويقال: أدبر.

وأشد لعِلقمة بن قرط التيمى، فجعله إقبالا:

مُدرَّعاتُ الليل لما عسعسا. . . وادَّرعتْ منه بهيماً حندسا

قال: زعموا أن ابن عباس رحمه الله، قال: (عَسْعَسَ) ، أدبر.

وقال الزبرقان فى الإدبار:

وماءٍ قديم عهدُه ما يرى به. . . سوى الطيرُ قد باكرتْ ورد المغلسِ

وردتُ بأفراس عِتَاقٍ وفية. . . فوارط فى أعجاز ليل معسعس

قال أبو حاتم:

قد تقلد أبو عبيدة أمرا عظيما، ولا أظن ها هنا معنى أكثر من الاسوداد،

(عَسْعَسَ) : أظلم واسود، فى جميع ماذكر، وكل شيء من ذا الباب فى القرآن فتفسيره يُتَّقَى. ومالم يكن فى القرآن فهو أيسر خطأً.

<<  <   >  >>