للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروى ابن بطة عن شيخه المعروف بأبي العباس بن مسروق: حدثنا محمد بن حميد، حدثنا جرير عن سفيان عن عبد الله بن زياد بن حدير قال: قدم أبو إسحاق السبيعي الكوفة، قال لنا شمر بن عطية: قوموا إليه، فجلسنا إليه، فتحدثوا، فقال أبو إسحاق: خرجت من الكوفة وليس أحد يشك في فضل أبي بكر وعمر وتقديمهما، وقدمت الآن وهم يقولون ويقولون، ولا والله ما أدري ما يقولون (١) .

قال محب الدين الخطيب (٢) : (هذا نص تاريخي عظيم في تحديد تطور التشيع، فإن أبا إسحاق السبيعي كان شيخ الكوفة وعالمها، ولد في خلافة أمير المؤمنين عثمان قبل شهادته بثلاث سنين، وعمَّر حتى توفي سنة ١٢٧هـ، وكان طفلاً في خلافة أمير المؤمنين علي. وهو يقول عن نفسه رفعني أبي حتى رأيت علي بن أبي طالب يخطب، أبيض الرأس واللحية، ولو عرفنا متى فارق الكوفة ثم عاد فزارها لتوصلنا إلى معرفة الزمن الذي كان فيه شيعة الكوفة علويين يرون ما يراه إمامهم من تفضيل أبي بكر وعمر، ومتى أخذوا يفارقون عليّاً ويخالفونه فيما كان يؤمن به ويعلنه على منبر الكوفة من أفضلية أخويه صاحبي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ووزيريه وخليفتيه على أمته في أنقى وأطهر أزمانها) (٣) .


(١) «المنتقى» : ص ٣٦٠ (مختصر منهاج السنة) .
(٢) محب الدين بن أبي الفتح محمد بن عبد القادر بن صالح الخطيب، من كبار الكتاب الإسلاميين، تولى تحرير مجلة الأزهر ٦ سنوات وأصدر مجلتيه: الزهراء، والفتح، ونشر عدداً كبيراً من كتب التراث، ومن مؤلفاته: «الرعيل الأول» ، «تاريخ مدينة الزهراء» وغيرهما. توفي سنة ١٣٨٩هـ، وكان مولده سنة ١٣٠٣هـ. «الأعلام» : (٥/٢٨٢) طبعة دار الملايين.
(٣) «حاشية المنتقى» : (ص ٣٦٠ - ٣٦١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>