وبعد أن تعرفنا على أسس الخلاف وأوجهه بين أهل السنّة والشيعة، ثم آراء دعاة التقريب في ذلك، وتبين لنا أنهم لم يجرؤوا على تغيير الباطل، واكتفوا بالكلام العام عن التقارب، واكتفى بعض دعاة التقريب من الشيعة بالنفي المطلق لما هو واقع موجود في كتبهم، وردد بعض دعاة التقريب من السنّة هذه الآراء. وكانت النتيجة مجرد تستر على الباطل، وذر للرماد في العيون، أو دعوة جاهلة غافلة عن الحقائق الخطيرة في ذلك، ولا شك أن إخفاء الداء، والتستر على المرض لا يعني علاجه وحسمه، بل إنما يعني استمراره واستفحاله.
كما أن هناك كثيراً من الروافض يجاهر اليوم بأشد مما هو واقع في كتبهم وأفدح، ولهذا رأينا "محاولات التقريب" لم تصل إلى علاج في هذا الشأن الخطير والأمر العسير.
وبقيت عقدة الخلاف أو "اللغز" كما يسميه بعض الروافض (١) وهو الاختلاف في مصادر التلقي، أو بتعبير آخر في أصول العقائد والأحكام، ولهذا بعدت الشُقة بين الفريقين ووصلت محاولات التقريب
(١) محمد رضا المظفر: مجلة «الرسالة» : مجلد ٣، ص ١٦١٤ بعنوان (السنيون والشيعة وموقفهما اليوم) .