للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هي نفي السهو عن النبي - صلى الله عليه وسلم - (١) ، فكانوا يعدون من ينفي السهو عن النبي من الشيعة الغلاة، ولكن تبدلت الحال بعد ذلك وأصبح نفي السهو عن الأئمة من ضرورات مذهبهم، ولا شك أن نفي السهو والنسيان عن الأئمة هو خروج بهم إلى منزلة من لا تأخذه سنة ولا نوم، وقد كانت العصمة - بهذه الصورة الغالية من نفي السهو والنسيان عن الأئمة - معتقد فئة شيعية مجهولة في الكوفة، ففي «البحار» للمجلسي (أنه قيل للرضا - إمام الشيعة الثامن - إن في الكوفة قوماً يزعمون أن النبي صلى الله عليه وآله لم يقع عليه السهو في صلاته، فقال: كذبوا لعنهم، الله إن الذي لا يسهو هو الله لا إله إلا هو) (٢) .

فهذا يدل على أن عقيدة نفي السهو كانت معتقد قوم غير معينين لشذوذهم في هذا الاعتقاد، وأنهم كانوا ينفون السهو عن النبي الذي هو أفضل الأئمة ولم يقولوا بذلك للأئمة، ثم تطور هذا الاعتقاد ليشمل أئمة الشيعة الاثني عشر وليعم طائفة الشيعة الإمامية كلها كما سنوضح ذلك فيما بعد (٣) .

وكان معتقد العصمة من أسباب نشوء عقيدة البداء والتقية - كما سيأتي - ذلك أن واقع الأئمة لا يتفق بحال ودعوى عصمتهم، فإذا حصل اختلاف وتناقض في أقوالهم قالوا هذا بداء أو تقية، كما اعترف


(١) انظر: «شرح عقائد الصدوق» للمفيد: ص ١٦٠، ٢٦١، (ملحق بكتاب أوائل المقالات) .
(٢) «البحار» : (٢٥/٣٥٠) .
(٣) في مبحث آراء دعاة التقريب في العصمة.

<<  <  ج: ص:  >  >>