مبنية على تصديق شلتوت لدعاوى القمي وغيره بأنه لا خلاف بين السنّة والشيعة؟. الذي أرجحه بناء على ما سمعته من بعض معاصري شلتوت ومجالسيه هو الثاني، ومما يؤكد جهل الشيخ شلتوت بالشيعة أنه يرى أن السبيل الوحيد إلى إعادة الصف الإسلامي إلى وحدته وقوته أن لا يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله، وأن نطرح وراء ظهورنا تلكم التأويلات البعيدة للنصوص الشرعية من كتاب وسنّة صحيحة، وأن نفهمها كما فهمها المعاصرون للتنزيل وأن نجعل أهواءنا تبعاً لديننا ولا نجعل ديننا تبعاً لأهوائنا، وأن نحارب احتكار فرد أو أفراد تعاليم الدين، فما كان الإسلام دين أسرار وأحاج لا يعرفها إلا طائفة خاصة تطلع عليها من تشاء وتمنعها عمن تشاء، فما انتقل الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى الرفيق الأعلى حتى بلغ الرسالة وأدى الأمانة، وطلب من أصحابه وأتباعه أن يبلغوا ما علموه ... (١) .
فشلتوت بهذا القول كأنه يحكم على الشيعة ـ التي أفتى - جهلاً منه - بجواز التعبد على مذهبها ـ يحكم عليها بأنها لم تسلك سبيل التقريب، لأن الشيعة على خلاف تام لهذه الأركان التي وضعها للتقريب، فاتخاذهم للأئمة أرباباً من دون الله منتشر عندهم وفي كتبهم، وهم أهل التأويلات البعيدة للنصوص الشرعية، ويرون أنه من الكيد للإسلام أن نفهم هذه النصوص كما فهمها المعاصرون للتنزيل من الصحابة، وهم بمزاعمهم في أئمتهم ودعاويهم في مجتهديهم يمثلون في الإسلام ذلك الاحتكار للدين
(١) شلتوت: في مقدمته لكتاب «إسلام بلا مذاهب» : ص ٦.