ما نخالفهم به بدعة وإن اعتبرناها سنّة وعقيدة صحيحة، ويبنون على ذلك وجوب موافقتهم في بعض ما يعتقدون، وليس الأمر كما قالوا فإن الاعتداد لمسألتنا إنما يكون بشهادة القرآن ونصوص الحديث الصحيحة لا إلى شهادة الشيعة، وقد ذكر العلماء أن أهل السنّة عليهم إنكار بدع المبتدعة وإن كان المبتدع متعبداً بها معتقداً صوابها، كما صرح بذلك الإمام الغزالي (راجع «إحياء علوم الدين» : جـ٢) .
ولا بأس أن نقيد إنكارنا على هذه البدع بالقيد المصلحي وفق قاعدة الترجيح بين المفاسد والمصالح المتعارضة، بأن يحتمل المفسدة اليسيرة من أجل درء المفسدة الكبيرة، ونحتمل تفويت المعروف الأصغر حرصاً على جلب المعروف الأكبر. وهذه قاعدة صحيحة عند الفقهاء، ولابن تيمية إسهاب جيد في شرحها - في رسالته المشهورة «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» وفي عموم كلامه في رسائله الأخرى، والعمل بهذه القاعدة قد يجعلنا نسكت عن إنكار بدعة الشيعة في وقت من الأوقات أو في مكان من الأمكنة سدّاً للذريعة وخروجاً عن أصل الإنكار إذا كان الإنكار يؤدي إلى هياج الفتن وإراقة الدماء والاقتتال بين أهل بلد يتكافأ فيه عدد الشيعة مع عدد أهل السنّة، وأما في الأحوال الاعتيادية التي لا تكون هناك مفسدة تصاحب هذا الإنكار فإنه يكون مستساغاً أو واجباً.. وربما ساغ أن نسكت أيضاً عن صاحب بدعة نرى دلائل الخير فيه وحرصه على الفهم، فيكون من تمام دواعي الرفق معه أن ندعه يكتشف الحق تلقائيّاً وبدراسة ذاتية أو بنصيحة خفيّة منا دون إجفاله بالإنكار العلني عليه.