والباطل بالإسلام. وهذا باب من أبواب الصد عن دين الله وشرعه؛ لأن أصحاب ذلك الضلال إذا ظنوا أن ما هم عليه من باطل هو الإسلام، ثم رأوا ذلك فاسداً في العقل، شكوا في الإسلام كله.. وذهبوا يبحثون عن «مذاهب وعقائد» أُخرى.. ومن هنا فلا بد أن يكون هذا الحكم قائماً على بيّنة.. لأن التستر على الخلاف لا يؤدي إلى إزالته، بل يؤدي لاستمراره واستفحاله.. ومحاولة المريض إيهام نفسه بالسلامة تجرُّه إلى مدرجة الهلكة، ودس الرؤوس في الرمال تعامياً عن الحقيقة خير من مواجهتها مهما كانت صعبة مرة.. والدين النصيحة، لذا كان خير الطرق معرفة "واقع الأمر" و"حقيقة المشكلة" والبحث عن الحل لذلك.
إنه من الضروري أن تتكاتف جهود الباحثين المخلصين لكشف أسباب الخلاف وأُصوله، وإماطة اللثام عن الباطل الذي حاول المغرضون التلبيس به على الناس، ورفع الستار عن الأعداء.. الذين يزرعون الخلاف ويبغون في الأمة الفرقة والفشل.
لهذا سأحاول في هذه "الدراسة":
التعرف على أُصول الخلاف وأُسسه، ورأي دعاة التقريب في ذلك. وبعد ذلك سأعرض لمحاولات التقريب، والجهود المبذولة لرفع الخلاف مع التقويم لها، ثم أُبيّن هل هناك طريق ناجح لحل الخلاف.
وقد بدأْت الدراسة لـ "مسألة التقريب" بالتعريف بأهل السنّة وبالشيعة، وبيان أُسس الخلاف بينهما ومظاهره، وهذا أمر أساسي في بحث "مسألة التقريب"، فالحكم على الشيء فرع عن تصوره، وكيف نحكم في مسألة التقريب ما لم نعرف السنّة والشيعة؟ وهل نستطيع أن نصل إلى معرفة حقيقية لإمكانية التقريب أو عدمه قبل دراسة أُصول الخلاف بين الاتجاهين؟
فدراسة ذلك ركن أساسي في بحث "مسألة التقريب"، لهذا جعلت ذلك في بابين:
الباب الأول: أهل السنّة ويشمل: التعريف بأهل السنّة ومصادرهم