للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍ} (١) [السجدة: ٤] .

وقال: {يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ} [يونس: ٣] .

فهذه الشفاعة التي كان (٢) المشركون يثبتونها أبطلها القرآن في غير موضع، وهي كشفاعة المخلوق عند المخلوق بغير إذنه، فإن هذا الشافع شريك للمشفوع إليه، فإنه طلب منه ما لم يكن يريد أن يفعله، فيحتاج لقضاء /٥٠ب/ حق (٣) الشفيع أن يفعله، فالشفيع بغير إذن المشفوع إليه شريك له، والله تعالى لا شريك له، ولهذا قال: {لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ} [البقرة: ٢٥٥] .

فلو شفع أحد بغير إذنه شفاعة نافعة مقبولة كان شريكًا له، وهو سبحانه لا يشفع عنده أحد إلا بإذنه، وهذا من وجهين:

أحدهما: أنه هو الذي يخلق أفعال العباد، فلا يفعل أحد شيئًا إلا بمشيئته.

والثاني: وهو المقصود: أن الملائكة، والأنبياء، لا يشفعون عنده إلا بإذنه، فلا تكون شفاعتهم مقبولة نافعة إلا إذا كانت بإذنه، وما وقع بغير إذنه لم يقبل، ولم ينفع، وإن كان الشفيع عظيمًا، فالكفار، والمنافقون، لا يغفر لهم ولو استغفرت لهم الأنبياء، كما في قصة آزر أبي الخليل، وفي


(١) في الأصل كتبت الآية هكذا: ( {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [يونس: ٣] {مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍ} [السجدة: ٤] ) ، فخلط الناسخ بين آيتين متشابهتين. والتصويب من المحقق.
(٢) في الأصل: (كانت) ، والتصويب من المحقق.
(٣) في المطبوع زيادة: (من) ، وليست في الأصل.

<<  <   >  >>