للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

//٥١أ// «فصل»

فهذا فرق من جهة انتفاء المصلحة.

وفرق آخر من جهة حصول المفسدة، وهو أن: لفظ الزيارة للقبور (١) قد صار في عرف النّاس متناولاً للزيارة الشرعية المأمور بها، والبدعية (٢) المنهي عنها، بل كثير منهم إذا أطلق زيارة قبور الأنبياء والصالحين، إنما يفهم منها: الزيارة البدعية، المنهي عنها، كاتخاذ قبورهم مساجد، وأعيادًا، واتخاذ قبورهم أوثانًا، ومشابهة أهل الكتاب فيما لعنهم عليه النبي صلى الله عليه وسلم، وفعل ما نهى عنه الرسول بقوله (٣) : «إِنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ كَانُوا يَتَّخِذُونَ الْقُبُورَ مَسَاجِدَ، /٣٤أ/ أَلَا فَلَا تَتَّخِذُوا الْقُبُورَ مَسَاجِدَ، فَإِنِّي أَنْهَاكُمْ عَنْ ذَلِكَ» رواه مسلم في صحيحه (٤) ، وغيره.

ويقصدون الحج إلى قبورهم، واتخاذ ذلك نسكًا، والدُّعاء، والصلاة لهم، فمنهم من يسجد للقبر، ومنهم من يطلب منه كما يطلب من الله، فيقول: اغفر لي وارحمني، وعامتهم يصلُّون عنده، ويطلبون منه الدعاء لهم، أو يدعون به، أو يشتكون إليه، ويطلبون منه قضاء الحاجة في الجملة، فيقول هذا (٥) : أشكو إليك ذنوبًا (٦) أنت تعلمها، كأنه يخاطب ربّ العالمين، ويقول هذا: أشكو إليك دَيْني وعيالي، //١٥٦ب// وهذا يقول (٧) : أشكو إليك الجدب، والقحط، ويقول هذا: أشكو إليك ظهور العدو، فيخاطبونه كما يخاطب ربّ العالمين، ويشتكون (٨) إليه ما لا يشتكى إلا إلى الله (٩) ، كما قال يعقوب (١٠) : {إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ} [يوسف: ٨٦] وكان عمر بن


(١) في خ٢: (لفظ الزيارة؛ زيارة القبر) .
(٢) في خ٢: (والزيارة البدعية) .
(٣) في خ٢ زيادة: (صلى الله عليه وسلم) .
(٤) (في صحيحه) ليست في خ٢.
(٥) (هذا) ليست في خ٢.
(٦) في خ٢: (ديونًا) .
(٧) في خ٢: (ويقول هذا) .
(٨) في خ٢: (ويشكون) .
(٩) في خ٢ زيادة: (تعالى) .
(١٠) في خ٢ زيادة: (عليه السلام) .

<<  <   >  >>