فاصلاً، كما قد بسط الكلام عليهم في غير هذا الموضع.
فالحمد لله الذي حفظ قبره عن أن يتخذ مسجدًا، أو وثنًا، أو عيدًا، ولم يمكن أحدًا أن يدخل إلى قبره بالكلية، بل سدّ هذا الباب، وأما غيره فقد يتخذ قبره مسجدًا، ويتخذ وثنًا، وليس على الأنبياء والصالحين الذين فعل ذلك بغير رضاهم درك، فإنهم يكرهون ذلك، ويتأذون بما يفعل عندهم، وهذا كما أن من عبد المسيح وغيره لا إثم عليه بما فعله به غيره بغير إذنه.
لكن كان أهل الكتاب قبلنا يتخذون قبور الأنبياء والصالحين مساجد، كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم، ونبيّنا عصمه الله أن يتخذ قبره مسجدًا، كما عصم أمته أن تجتمع على ضلالة، فإن الأمم قبلنا كانوا إذا ضلوا أرسل الله نبيًّا يبيّن ضلالهم، ومحمد (١) صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء لا نبي بعده فلو اتخذ قبره - والعياذ بالله - مسجدًا، وجعل وثنًا؛ لكان ذلك من أعظم ظهور الضلال والشرك في أمّته، وهي آخر الأمم، وقد عصمها الله أن تجتمع على ضلالة، ولهذا يوجد من هو دونه من أهل بيته، والمشايخ، عند قبره، أو قبر منسوب إليه، وهو كذب، من اتخاذه وثنًا ومسجدًا، ما لا يوجد عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم عصمة من الله، ورحمة، /٤٢ب/ وعناية، بمحمدٍ، وأمته، والمتبعين لسنته.