وقد ثبت عنه في الصحيح أنه قال:«مَنْ صَلَّى عَلَيَّ مَرَّةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ عَشْرًا» ، وروي مثله في السلام: أنه من سلم عليه مرة، سلم الله عليه عشرًا. فهم إذا صلوا عليه وسلموا عليه، صلى الله عليهم وسلم عليهم.
ولم يكن هذا السلام في الصلاة مما يرد عليهم النبي صلى الله عليه وسلم فيه السلام، إنما كان ذلك إذا حيوه تحية يسمعها، فإذا سلموا عليه ردّ عليهم السلام، وأما سلام الصلاة فهو كالصلاة عليه، الله هو الذي يصلي عليهم بالمرة الواحدة عشرًا، ويسلم عليهم بالمرة الواحدة عشرًا.
ولمّا قبض الله نبيّه صلى الله عليه وسلم، كانوا على ما كانوا عليه في حياته، هم والتابعون يصلون خلف أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، في مسجده، وخلف /٩ب/ غيرهم، لكن هؤلاء الأربعة أمّوا الناس في مسجده، فأبو بكر وعمر صليا بالنّاس حتّى ماتا، وعثمان صلى بالناس حتّى حصر، وعلي صلى بالناس مدة مقامه بالمدينة قبل أن يذهب إلى العراق، وهؤلاء الأربعة بويع لهم في مسجده، ولهذا قال (١) أحمد بن حنبل: كل بيعة كانت بالمدينة فهي خلافة نبوة.
وكان خلفاؤه الراشدون، هم ومن يصلي خلفهم في مسجده، يفعلون بعد موته كما كانوا يفعلون في حياته، يصلون الصلوات الخمس، وهم في الصلوات يصلون عليه، ويسلمون عليه، ويدعون الله تعالى في الصلاة
(١) أضاف المحقق هنا كلمة: (الإمام) . وليست في الأصل.