للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والنوع الثاني: زيارتها للسلام على الميت، والدعاء له، فهذا مستحب في حق المؤمنين خاصة، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلّم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقول قائلهم: «السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الدِّيَارِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ، وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بُكُمْ لَاحِقُونَ، نَسْأَلُ اللَّهَ لَنَا وَلَكُمُ الْعَافِيَةَ» وفي رواية: «وَيَرْحَمُ (١) اللَّهُ الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنَّا وَالْمُسْتَأْخِرِينَ» ، //٤٨أ// وكما ثبت في الصحيح: أنه كان يخرج إلى أهل البقيع فيدعوا لهم ويستغفر لهم، /٢١ب/ وكما ثبت (عنه) (٢) في صحيح البخاري: أنه صلى الله عليه وسلم صلّى على قتلى أحد (٣) بعد ثمان سنين، كالمودع للأحياء والأموات، فهذه الزيارة من جنس الصلاة على الجنازة، ومن جنس الصلاة على قبر الميت، وهذا مشروعٌ لأهل المصر، وأما سفر الإنسان إلى قبرٍ يصلي عليه، فهذا ليس بمشروع.

ومن هنا يظهر الكلام على المقدمة الثانية، وهي الفرق بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين غيره، فيقال: هذا كالفرق بينه وبين غيره في الدفن، فإن سنة المسلمين أن يدفنوا في الصحراء تحت السماء، كما كان هو صلى الله عليه وسلم يَدفِنُ أصحابَه في البقيع، ولم يدفن أحدًا منهم تحت سقف في بيت، ولا بنى على أحدٍ منهم سقفًا، ولا حائطًا.

بل قد (٤) ثبت عنه في الصحيح أنه نهى أن يُبْنى على القبور (٥) ، وهو صلى الله عليه وسلم دُفِن في بيته، تحت السقف؛ وذلك لما بَيَّنَتْهُ عائشة رضي الله عنها من أنه لو دفن في الصحراء لخيف أن يتخذ قبره مسجدًا، فإن عامة الناس لما في قلوبهم من تعظيمه صلى الله عليه وسلم، قد يقصدون الصلاة عنده، بل قد يَرَوْنَ ذلك أفضل لهم من الصلاة في مكان آخر، كما فعل أهل الكتاب حيث اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، ورأوا الصلاة عندها أفضل


(١) غيرت في المطبوع إلى: (يرحم) بحذف الواو.
(٢) سقطت من المطبوع.
(٣) في خ٢: (وكما ثبت في صحيح البخاري عن عقبة بن عامر أنه قال: [صلى رسول الله] صلى الله عليه وسلم على قتلى أحد) . اهـ. وما بين المعقوفتين استدراك من صحيح البخاري.
(٤) (قد) ليست في خ٢.
(٥) في خ٢: (القبر) .

<<  <   >  >>