للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْمَطِيُّ إِلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ» .

فكان في (١) هذا بيان أن السفر إلى غير المساجد الثلاثة غير مشروع، كما اتفق على ذلك السلف والأئمة، فإن قوله: «لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ» استثناء مفرغ، فإما أن يكون التقدير: لا تشد إلى مسجد إلا إلى هذه الثلاثة، وإما أن يكون التقدير: لا تشد إلى مكان مطلقًا /٣٦ب/ من الأمكنة التي تقصد، وتعظم، ويسافر لأجلها.

فأما السفر لتجارة، أو جهاد أو طلب علم، أو زيارة أخ في الله، أو صلة رحم، ونحو (٢) ذلك، فإنها لم تدخل في الحديث؛ لأن تلك لا يقصد فيها مكان معين، بل المقصود ذلك المطلوب حيث كان صاحبه، ولهذا لم يفهم أحد من هذا هذه الأمور.

بخلاف السفر إلى البقاع المعظَّمة كطور موسى، وكقبور الأنبياء، والصالحين، فإن الصحابة، والتابعين، والأئمة، فهموا دخولها في هذا الحديث، ولم يكن في السلف من ينكر دخولها في الحديث، ودخولها على أحد وجهين: إن قيل: إن المستثنى منه: جنس البقاع المعظمة، فقد دخلت هذه، وإن قيل: إن المستثنى منه: هو المساجد، فلا ريب أنه إذا لم يشرع السفر إلى المساجد، فلا يشرع إلى هذه بطريق الأولى؛ فإن المساجد أفضل البقاع، كما ثبت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أَحَبُّ الْبِقَاعِ إِلَى اللَّهِ الْمَسَاجِدُ، وَأَبْغَضُ الْبِقَاعِ إِلَى اللَّهِ الْأَسْوَاقُ» رواه مسلم.

والمساجد يؤمر بقصدها، ويسافر إلى بعضها، ويجب السفر إلى


(١) أضيف في المطبوع هنا كلمة: (بيان) ، وليست في الأصل.
(٢) غيرت في المطبوع إلى: (أو نحو) .

<<  <   >  >>