للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شعير؛ لأنه كان قوتهم، فمن كان قوته القمح فهو مأمور أن يخرج قمحًا عند جماهير العلماء - وإن قال بعضهم: إن التمر أفضل - وليس له أن يخرج الشعير عند الجمهور، وفي إخراج التمر نزاع أيضًا.

وقد ثبت عن عمر بن الخطاب أنه رأى قومًا ينتابون مكانًا يصلون فيه، فقال: ما هذا؟ فقالوا: هذا مكان صلى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم بسفر، ومكان حلّ فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم [فقال عمر] (١) : أتريدون أن تتخذوا آثار أنبيائكم مساجد؟ إنما هلك من كان قبلكم بهذا، من أدركته الصلاة فيه فليصل وإلا فليذهب.

وهذا نهي عن مثل ما كان يفعله /١٥أ/ ابن عمر، مع أن ابن عمر لم يكن يقصد لا هو ولا غيره من الصحابة إتيان الأمكنة التي فيها آثار الأنبياء للعبادة، بل إنما قصد متابعته في صورة الفعل.

وأما الأمكنة التي كان يقيم بها، ويجلس فيها، وينزل بها ليلاً ونهارًا، والطُرق التي كان يسير بها، والمواضع التي كان ينزلها في أسفاره، فلم يكن أحد من الصحابة يقصدها لصلاة فيها ولا دعاء ولا غير ذلك، مثل حُجَر أزواجه التي كان يقيم بها ليلاً ونهارًا، فلم يكن أحد منهم يقصد زيارة تلك البقاع، أو الصلاة (٢) فيها، أو الدُّعاء (٣) .

وكذلك غار حراء الذي كان يتحنث فيه، وغار ثور الذي كان فيه هو وأبو بكر، وغار المرسلات الذي نزلت عليه فيه {وَالْمُرْسَلاَتِ} (٤) ، ومثل منزله لما حاصر قريظة والنضير، ومثل طرقه في أسفاره، فلم يكن أحد من الصحابة


(١) ما بين المعكوفين لم يظهر في هامش مصورة الأصل.
(٢) غيرت في المطبوع إلى: (والصلاة) .
(٣) غيرت في المطبوع إلى: (والدعاء) .
(٤) غيرت في المطبوع إلى: (المرسلات) .

<<  <   >  >>