للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذاك كانوا يخافون أن يصير ذريعة إلى الشّرك، واتخاذه مسجدًا، وعيدًا، ووثنًا، وهذا الخوف كان لما كان الدخول إليه ممكنًا، ولما سدوه، ومنعوا الناس من الدخول إليه؛ ما بقي يمكن أحد (١) الزيارة المعروفة، ولا الشرك، ولا اتخاذه وثنًا، ولا يقدر أحد أن يصلي إلا إلى مسجده، ومسجده ليس هو قبره وبيته، بل مسجده بني للصلوات الخمس، وغيرها.

وكان يعتكف فيه، ولا يعتكف في بيته، فحكم هذا غير حكم هذا بالنص والإجماع، ولهذا إنما كان ابن عمر يأتي القبر فيسلّم على النبيّ صلى الله عليه وسلم، وعلى صاحبيه، إذا قدم من سفر، وكانت الحجرة إذ ذاك خارجة عن المسجد، ملاصقة له، وإنما أدخلت في المسجد من (٢) خلافة الوليد بن عبد الملك، وأدخلت بعد انقراض الصّحابة من المدينة، فإن آخر من مات بها جابر بن عبد الله، وجابر مات سنة بضع وسبعين في خلافة عبد الملك، وابنه الوليد إنما تولى سنة بضع وثمانين، والمسجد أخر بناءه بعد ذلك بمدة، وعبد الله بن عمر مات في خلافة أبيه عبد الملك سنة ثلاث وسبعين عقب فتنة ابن الزبير بمكة.

وكان ابن عمر إنما يسلّم عليهم من جهة الرؤوس، من جهة المغرب، إذْ كانت جهة القبلة متصلة بغيرها من الحجر، وكان يسلّم عليهم على الترتيب، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو المقدم إلى ناحية /٣٢أ/ القبلة، وأبو بكر خلفه، وعمر خلف أبي بكر، ورأس أبي بكر عند منكبي رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورأس عمر عند منكبي أبي بكر، كالدرج، هذا أشهر الأقوال. وقيل: إن رؤوسهم مستوية، وقيل: بل اثنان منهما متحاذيان فقط.

ولا يعرف من أين كان ابن عمر يسلم، هل كان يستقبل الحجرة أو


(١) غيرت في المطبوع إلى: (أحدًا) .
(٢) غيرت في المطبوع إلى: (في) .

<<  <   >  >>