وأما من يروي أنه قال: من زارني وزار أبي في عام واحد ضمنت له على الله الجنة. فهذا أعظم كذبًا من غيره، وقد قيل: إن هذا لم يسمع حتى استنقذ المسلمون القدس من أيدي الفرنج، ونقل هذا ابن الصّلاح عن شيوخه وغيره، ولم ينقل عن أحدٍ من الصّحابة استحباب زيارة قبره، بل قد علم بالنقل المتواتر أنه كان يكون في حجرته، وهم لا يزورون قبره، لا من داخل الحجرة، ولا من خارجها، والعلماء متفقون على أن أهل المدينة لا يزورون قبره إذا دخلوا المسجد وخرجوا منه، ولكن ابن عمر كان يقف عند القبر، ويسلم عليه، وعلى صاحبيه، إذا قدم من سفر، فأخذ بفعل ابن عمر طائفة من العلماء، وآخرون لم يأخذوا بفعله، بل بفعل جمهور الصحابة.
ولا كانوا إذا كانوا مقيمين بالمدينة يزورون القبر ولا يأتونه، لا لدعاء، ولا غيره، بل كانوا يأتون إلى مسجده، وهم في كل صلاة في مسجده، وغير مسجده، يقولون: السّلام عليك أيُّها النبي ورحمة الله /٣١ب/ وبركاته، ويصلون عليه، ويسألون له الوسيلة إذا سمعوا الأذان، كما سنّه لهم، وهذه المصالح العظيمة يحصل بها أضعاف ما يحصل في زيارة قبره، مع أن