للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

غاية التوحيد، كما تجد ذلك في كلام كثير من الناس من متكلميهم، وعبّادهم، فإذا رأى هذا هو التوحيد؛ كان الشرك عنده ما يناقض ذلك.

وقد علم بالتواتر، وإجماع المسلمين، ونص القرآن،: أن العرب كانوا مشركين، وأن النبي صلى الله عليه وسلم دعاهم إلى التوحيد، ونهاهم عن الشرك، وكان هذا من /٦٠أ/ أعظم أسباب معاداتهم له، ولمن آمن به، فيظن هذا الذي لم يعرف حقيقة الأمر، أن ذلك الشرك، أنهم جعلوا آلهتهم شركاء لله في خلق السموات والأرض، وإنزال المطر، وخلق النبات، ونحو ذلك.

ولو كان هذا يفهم القرآن، ويعرف ما كانت عليه العرب، ويعرف التوحيد، والشرك؛ لتبين له أن ما يقرُّ به من التوحيد كان المشركون (١) يقرّون به أيضًا، وهم مع هذا مشركون؛ حيث أحبّوا غير الله كما يحبّون الله، وحيث دعوا غير الله، وجعلوه شفيعًا لهم، وحيث عبدوا غير الله يتقربون بعبادته إلى الله، فهذا وأمثاله كان شركهم، مع إقرارهم بأن الله خالق كل شيء، وأنه لا خالق غيره، ولهذا قال عمر بن الخطاب: إنما تنقض عرى الإسلام عروة عروة إذا نشأ في الإسلام من لا يعرف الجاهلية.

فمعرفة المسلم بدين الجاهلية هو مما يعرفه بدين الإسلام، الذي بعث الله به رسله، وأنزل به كتبه، ويعرف الفرق بين دين المسلمين الحنفاء أهل التوحيد والإخلاص، أتباع الأنبياء، ودين (٢) غيرهم، ومن لم يميّز بين هذا وهذا فهو في جاهلية، وضلال، وشرك، وجهل، ولهذا ينكر هؤلاء ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، من [إخلاص] (٣) الدين لله، إذ ليست لهم به خبرة من جهة النقل، ولا لهم فهم في القرآن، يعرفون به


(١) في الأصل: (المشركين) ، والتصويب من المحقق.
(٢) في الأصل: (ومن دين) ، والتعديل من المحقق.
(٣) إضافة من المحقق.

<<  <   >  >>