للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سفر إلى بيت الله الذي بناه نبي من أنبيائه، لعبادته، ودعائه.

فهؤلاء إذا زاروا القبور هذه الزيارة المحرمة، فهم منهيون عن ذلك من القرب ومن البعد.

وأما الذين يزورون زيارة شرعية؛ للسلام على أهلها، والدعاء لهم، فهذا هو الذي يفرق فيه بين القريب والبعيد، وهذا قليل جدًّا أن يقصد بالسّفر مجرد السّلام، والدُّعاء للميت.

وقد يأتي الرّجل القبر محبّة وشوقًا لا لقصد سلام، ولا دعاء لله، ولا لقصد دعائه (١) ، فهذا يقال له: إذا صليت وسلّمت حيث كنت؛ وصل صلاتك وسلامك، وكان ذلك أنفع لك عند الله، وأحبّ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنه يحب من (٢) يصلّي عليه، ويسلّم عليه، ويسأل الله له الوسيلة، وهو لا يحبّ من يخالف أمره، ويفعل ما نهاه عنه، ويتّخذ قبره عيدًا، ويسافر إليه، كما يسافر إلى بيوت الله الثلاثة، ويطلب منه ما يطلب من الله، ويؤذيه بسؤاله، ورفع صوته.

بل لو كان حيًّا مأمورًا بأن يعطي السائل؛ لكان من لا يسأله أحبّ إليه، /٢٨أ/ ولكان سؤاله منهيًّا عنه، إلا لأجل الضرورة، وقد قال صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ أَحَدَهُمْ لَيَسْأَلُنِي الْمَسْأَلَةَ فَأُعْطِيهِ إِيَّاهَا فَيَتَأَبَّطُهَا نَارًا» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ: فَلِمَ تُعْطِهِمْ؟ قَالَ: «يَأْبَوْنَ إِلَّا أَنْ يَسْأَلُونِي، وَيَأْبَى اللَّهُ لِيَ الْبُخْلَ» وقال: «مَنْ سَأَلَنَا أَعْطَيْنَاهُ، وَمَنْ لَا يَسْأَلُنَا أَحَبُّ إِلَيْنَا مِمَّنْ سَأَلَنَا» هذا وهو


(١) في الأصل: (لدعائه) ، والتصويب من المحقق.
(٢) في الأصل: (لمن) ، والتصويب من المحقق.

<<  <   >  >>