للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن النّاس من عصى أمره، وغلا فيه (١) ، فكفر بما جاء به، وبَرِئ منه وهو يحسب أنه يتبعه، كما ظنت النصارى أنهم يتبعون (٢) المسيح بغلوّهم فيه، وقد كفروا به، وبرئوا منه. فمن الناس من اعتقد في الرسول ما اعتقدته النصارى في عيسى (٣) ، حتى صرحوا بأنه [هو] (٤) الله، وأنه يعلم كل ما يعلمه الله، ويقدر على كل ما يقدر الله عليه، وهذا قاله لي غير واحد من هؤلاء، وحكوه عن شيوخ لهم كبارٍ، وهم يَرَون هذا من علوم الأسرار التي لا يُطْلِعُون عليها إلا الخواص، وهم يعتقدون /٣٥ب/ هذا في شيوخهم أيضًا، وهؤلاء غير الغالين (٥) من الشيعة الذين يعتقدون الإلهية فيه، وفي علي [بن أبي طالب] (٦) ، وطائفة من أهل بيته، ومنهم من يعتقد الإلهية في بني عبيد الله القداح، كالحاكم، وأمثاله. وثَم (٧) طائفةٌ من الشيوخ يعتقدون في العارفين الكمّل اتحاد الحقّ بهم، وأنه [تعالى] (٨) هو الذي يتكلم على ألسنتهم وأن الموحِّدَ هو الموحَّدُ، وينشدون:

ما وحّد الواحد من واحد ... إذ كل من وحّده جاحد

//١٥٠أ// توحيد من يخبر (٩) عن نعته ... عارية أبطلها الواحد

توحيده إياه توحيده ... ونعت من ينعته لاحد (١٠)


(١) في الأصل وتبعه المطبوع تقديم وتأخير: (ومن الناس من غلا فيه وعصى أمره) ، ورأيت أن الأولى إثبات سياق خ٢.
(٢) في خ٢: (متبعون) .
(٣) في خ٢: (المسيح) .
(٤) إضافة من خ٢.
(٥) في خ٢: (الغالية) .
(٦) إضافة من خ٢.
(٧) في الأصل وتبعه المطبوع: (وغير) ، والمثبت من خ٢.
(٨) إضافة من خ٢.
(٩) في الأصل وتبعه المطبوع: (يخبر) ، وهي كذلك في خ٢ إلا أن الناسخ كتب فوقها (ينطق) . وقد وردت باللفظين في مصنفات أخرى لشيخ الإسلام ابن تيمية. ووردت في «منازل السائرين» للهروي (ص١٣٩) -وهو صاحب هذه الأبيات- بلفظ: (ينطق) .
(١٠) انظر كلام شيخ الإسلام ابن تيمية على هذه الأبيات في «منهاج السنة النبوية» ج٥/ص٣٧٠-٣٧٢.

<<  <   >  >>