يحصل لهم شعور بهادم اللذات إلا شعور بتقضيه وانفصاله، فتفيد الآية نفيه عن أهل الجنة على أبلغ وجه، والسرور بتخطي المنغص وعدم عوده. وفي التعبير بالذوق إشارة إلى أنهم لا يتخيلون من هذا المنغص شيئاً البتة، إذ قول القائل: فلان لم يذق طعام زيد، أبلغ في النفي من قوله: لم يأكله.
ونبه المصنف بقوله:"حقيقةً" على ما سبق من أن المستثنى في الاستثناء المنقطع مُخْرَجٌ تقديراً، فهو على هذا بعض لا على سبيل الحقيقة.
(مقدرُ الوقوع) - أي الاسم المخرج في الاستثناء المنقطع.
(بعد "لكن" عند البصريين) - فإذا قلت: ما في الدار أحدٌ إلا حماراً، فالمعنى: لكن فيها حماراً، وذلك لأنه في حكم جملة منفصلة عن الأولى مستدركة، وليس مستثنى مما قبله حقيقةً، ولهذا لا يصح أن يقال: استثنيت الحمار منهم، وإنما انتصب لأنه اسم واقع بعد إلا مخالف حكهم لما قبله كالمتصل فأعطي إعرابه.
(وبعد "سوى" عند الكوفيين) - وحكاه ابن العلج عن الفراء: والتقدير في المثال: سوى حمار. وكأنهم لما رأوا تخالف إلا ولكن في وقوع المفرد بعد إلا، وأنه لا يقع بعد لكن إلا كلام تام، إلا أن تكون عاطفةً، ولا يمكن حمل إلا هنا عليها لمخالفتها لها في أن ما بعدها معربٌ بغير إعراب ما قبلها نحو: ما فيها أحدٌ إلا حماراً، بالنصب، وجاءني القومُ إلا حماراً، ومررتُ بهم إلا كلباً: عدلوا إلى التقدير بسوى، لموافقة إلا لها في وقوع المفرد بعدها، ولأنها من ألفاظ الباب كما سيأتي،