وذهب الفراء إلى أن الأصل: رجل نعم الرجل أو بئس الرجل، فحذف الموصوف، وأقيمت الجملة التي هي صفة مقامه، كأنك قلت: ممدوح زيد أو مذموم زيد، وعلى هذا الاسم المرفوع الذي يلي نعم وبئس فاعل عند البصريين والكوفيين. وعلى الطريقة الأولى قال صاحب البسيط: ينبغي كونه تابعاً لنعم بدلاً أو عطفاً، ونعم اسم يراد به الممدوح، كأنك قلت: الممدوح الرجل زيد. ورد قول الكوفيين على الطريقة الثانية بعدم دخول النواسخ ونحوها، فلا يقال: إن نعم الرجل قائم، كما يقال: إن تأبط شراً قائم.
(لا يتصرفان) - فلا يكونان بغير صيغة الماضي.
(للزومهما إنشاء المدح والذم على سبيل المبالغة) - فلزمت نعم المدح، وكانت قبل ذلك للدلالة على إصابة نعمة نحو: نعم الرجل؛ ولزمت بئس الذم، وكانت لإصابة بؤس نحو: بئس الرجل، فلما خرجتا عن أصلهما إلى غيره لم يُتصرف فيهما؛ ودليل المبالغة استعمال نعم في صفة الله تعالى والأنبياء، واستعمال بئس في عذاب الكفار ونحوه؛ وربما توهم عدم المبالغة فيما روي أن شريك بن عبد الله القاضي ذكر علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقال جليس له: نعم الرجل علي، فغضب وقال: ألعليّ يقال: نعم الرجل؟ فأمسك القائل حتى سكن غضب شريك، ثم قال له: ألم يقل الله تعالى: (فلنعم المجيبون)؟ و (نعم العبد إنه أواب)؟ قال شريك: بلى. فقال: ألا ترضى لعليّ ما رضيه الله لنفسه ولأنبيائه؟