(وإعماله مضافاً أكثر من إعماله منوناً) - وهذا مرجعه الاستقراء، والمعروف أنه لا خلاف بين البصريين والكوفيين في إعمال المضاف، وقيل: إن من الكوفيين من لا يُعمل لمصدر بحال، ويجعل ما وجد بعده من عمل لفعل مقدر. ومن إعمال المضاف في القرآن:(ولولا دفعُ الله الناس). قال الفراء: ولا يوجد المنون في كتاب الله إلا بفاصل نحو: (أو إطعامٌ في يومٍ ذي مسغبةٍ، يتيماً).
(وإعماله منوناً أكثر من إعماله مقروناً بالألف واللام) - وعلى جواز إعمال المنون البصريون، فيقولون: عجبت من ضرب زيدٍ عمراً، أو عمراً زيدٍ، بالجمع بين الفاعل والمفعول، مقدماً ما شئت منهما؛ وعجبت من ضرب زيداً وعمراً، بالاقتصار على أحدهما. واختلف في جواز: عجبت من ضرب عمرو، برفع عمرو نيابة عن الفاعل. والجواز قول جمهور البصريين، والمنع للأخفش، واختاره الشلوبين، وصححه الخضراوي، وكان ابن خروف يقول: يجوز إذا لم يقع لبس نحو: عجبت من جنونٍ بالعلم زيدٌ. ومنع الكوفيون إعمال المنون، وقالوا إن العمل الموجود بعده لفعل، فقدروا في قوله تعالى:(أو إطعامٌ في يوم ذي مسغبة، يتيماً) يطعم يتيماً.
وأما المصدر المحلى بال فالمعروف أن الكوفيين يمنعون إعماله، ويجعلون ما جاء بعده من عمل لفعل مقدر، كما سبق عنهم في المنون، ونقل ابن أصبغ عن الفراء إجازة إعماله، لكن على استقباح، وأن البغداديين منعوه البتة، ومن قال من البصريين بالمنع ابنُ السراج، ومذهب سيبويه جواز إعماله بلا استقباح، فتقول: عجبت من الضرب زيد عمراً، وصححه بعض المغاربة، ونقل ابن أصبغ