تكفت فيه الأشياء، أي تجمع وتحفظ، فالمنصوب بعد هذه ونحوها عامله محذوف دل عليه المذكورُ، أي دهن وكحلت وتكفت.
واعلم أن كلام المصنف يقتضي خلاف قول البصريين والبغداديين والكوفيين، فإنه أعطى تفرقة بين هذه وغيرها من أسماء المصادر، فلا تعمل هذه عنده ويعمل غيرها، وكلام البصريي على المنع مطلقاً إلا في الشعر، وكلام غيرهم في الجواز. وقالوا في تحقيق الخلاف إن ما كان مما أخذ من مواد الأحداث أصل وضعه لغير المصدر كالثواب لما يثابُ به، والعطاء لما يُعطى، والدهن لما يدهن به، والطحن لما يطحن، والكلام للجمل المقولة، والكفات لما يكفت فيه؛ هل يجوز أن يعبر به عن المصدر تجوزاً أو يعمل عمله أم لا؟
فالبصريون يمنعون، والكوفيون والبغداديون يجوزون، واستثنى الكسائي ثلاثة ألفاظ: الخبز والدهن والقوت، فلم يُجز: عجبت من خبزك الخبز، ولا من دهنك رأسك، ولا من قوتك عيالك، وأجازها الفراء، وقال هشام: لا تمتنع في القياس.
(فصل): (يجيء المصدر الكائن بدلاً من الفعل معمولٌ) - نحو: ضرباً زيداً، وفي ناصب هذا المصدر من الأمر قولان؛ أشهرهما فعل من لفظه ناب هو منابه، أي اضرب، والثاني: التزم، فلا يكون ضرباً مصدراً، بل مفعولاً، ونسبه الخضراوي لسيبويه، وعلى القولين لا يجوز إظهار ناصبه.
واختلف في اقتياس وقوع المصدر بدلاً من الفعل، فنقل أكثر المتأخرين عن سيبويه منعه وقصره على السماع؛ وقيل يقاس في الأمر والدعاء والاستفهام بتوبيخ وغيره، وفي التوبيخ بغير استفهام، وفي الخبري المقصود به إنشاء أو وعد،