من أجل ذلك يجب أن نتصور أولا مشكلة الحرب التي لابد في النهاية أن تقع بين أمريكا وروسيا السوفييتية، وهنا لن يوجه لهذه الحرب سوى نهاية واحدة ممكنة نتيجة التعارض بين النظامين الذي سينتهي بانتفائه إما بزوال واحد من كلا النظامين أو كليهما دفعة واحدة.
هناك إذن احتمالات ثلاثة: انتصار الرأسمالية- انتصار الشيوعية-زوال كلا النظامين المتعارضين، ثم هنالك احتمال رابع هو الوفاق بين الشرق والغرب، لكن هذه الفرصة الأخيرة لا تلفت انتباهنا لأنها لا تتجه في الوقت الحاضر إلى حل مستقبلي بينهما لإزالة هذا التعارض. وتصورنا لهذه الحالة أنه يبنى على وفاق تعلنه روسيا مع الولايات المتحدة، لكن احتمالا كهذا يتعارض مع العقيدة الشيوعية نفسها، ومفادها أن النظام الرأسمالي لا بد أن يغيب في النهاية من تلقاء نفسه نتيجة الصراع الطبقي في تعارضاته الداخلية.
وفي هذه الحالة لا تعود لروسيا أي حاجة للحرب كي تحقق نصرا نهائيا.
ثم إن الرأسمالية في حالة حرب؛ قوتها تكمن في أنها تنذر روسيا صراحة أو ضمنا بالصواريخ والأسلحة المتطورة المتبادلة لتحقيق السلام النهائي، لذا لا يوجد مناخ انتظار نهاية كهذه، ولذا فالحرب لا تستقيم إلا من خلال هذا التعارض بين النظامين.
يضاف إلى ذلك أن السياسة الأمريكية في ظل الحرب تتنامى وتتفاعل حركتها بشكل أفضل من السياسة السوفييتية، لذا فإن فرضية الوفاق هي من الهشاشة بحيث لا تستقيم، وإذا هي - فرضا - استقامت فستجد نفسها مسوقة بصورة أكثر واقعية لانتصار الشيوعية في النهاية.
هناك إذن مجال للمواجهة عبر الاحتمالات الثلاثة التي أشرنا إليها،