عرفت كتب الأستاذ مالك بن نبي منذ الستينيات من القرن الماضي، وبواسطة الأستاذ عمر مسقاوي ودار الفكر. لكنني ما عرفت هذا النص بالطبع، الذي يقول مترجمه ومقدمة الآن إنه ظل مطويا بالفرنسية بين أوراق الأستاذ مالك بن نبي منذ إنجازه له عام ١٩٥١. ومع ذلك فإن شذراب من الأطروحات المتداولة في الكتاب موجودة عرضا في مؤلفات الأستاذ بن نبي الأخرى، وبخاصة المنشور منها بعد العام
١٩٦٧.
يتضمن الكتاب فكرتين رئيسيتين: أن اليهود عندما تهجروا من إسبانيا مضوا إلى أوروبا الشرقية والعربية قصدا، وأنهم بمقتضى ذلك استطاعوا السيطرة على العالم الحديث الذي ظهرت تكويناته الفكرية والسياسية في القارة القديمة؛ بما في ذلك الرأسمالية الغربية والماركسية الروسية والأوروبية. وقد كان يكتب ذلك والحرب الباردة في بداية عهدها في الحرب الكورية. وهذه الأفكار كانت شائعة ومتداولة في النصف الأول من القرن العشرين. إنما اللافت ليس فكرة السطوة اليهودية القائمة على عالمي الأفكار والمال؛ بل اندراج ذلك في المقولة الكبرى للأستاذ بن نبي بشأن القابلية للاستعمار. وقد شرح ذلك في (وجهة العالم الإسلامي) الجزء الأول، وهو يتابع هذه الرؤية العميقة في هذا الجزء. فبالنسبة له، جاء الاستعمار إلى عالم المسلمين بسبب القابلية له في عالم ما بعد