ولكل احتمال منها نتائج تلقي بظلالها وضرورات تأثيرها على العالم الإسلامي.
من الطبيعي أنه ليس من العادة الحديث عن تاريخ حرب عبر افتراضات سابقة على نشوئها، لكنني هنا مضطر إلى اللجوء إلى هذه الطريقة نظرا لظروف هذه الدراسة؛ فحالتي هنا هي حالة مؤرخ لشيء غير متأكد من وجوده الشخصي حين حصوله، لكنه في الوقت نفسه يرغب في الدخول في احتمالات الحرب الرئيسية؛ مخافة أن يغادر الحياة قبل أن يراها، وإذ هو هنا يكتب لجيل سيأتي بعده فإنه سيحاول استشراف نتائج قد تكون استثنائية غير منتظرة، فالمؤرخ هنا ملزم بتقويم خصائص هذا الحدث، لأن حظوظ أي من هذه الفرضيات بدأت تلقي بضوء على نتائجها في عالم سيأتي بعد عالمنا الحاضر.
٩ - استراتيجية الحرب القادمة
إن الطابع المريع الذي اتخذته الحرب الماضية بتأثير الفكر اليهودي سوف يجعل الحرب القادمة شاملة وتقع نتائجها على الغالب والمغلوب معا.
إنها ستكون مذبحة للأطفال والنساء والشيوخ، فضلا عن تهديم المدن والثروات كأهداف سياسية، وإحداث خراب يصيب المدنيين وكذلك منابع الأنهار والمصانع العائدة لطرفي الحرب. من هنا فإن قرارا بالحرب يضع دفعة واحدة أولاها وأخراها في مخاطرها، وهو لذلك غير ممكن قريبا اتخاذ قرار كهذا لدى روسيا، وكذلك لدى أمريكا التي تحاذر الولوج فيه؛ إذ لو أن حربا كهذه أخذت مجراها فإن ربع الساعة الأولى لتحرك الجيوش نحو جبهة أو عدة جبهات؛ تصبح آسيا وإفريقية مرشحتان بدلا من أوروبا، وهنا فالقارة الإفريقية مؤهلة لتكون قارة عمليات حرب في صورتها الأخيرة، وربما هذا يفسر المحاضرة التي ألقاها منذ وقت قريب رئيس الأركان الأنكلوساكسوني في نيروبي.