فالعالم الحديث الذي زرع العنف سيموت بالعنف، وهذا الموت العنيف للعالم الذي لا روابط عميقة في حياته سيؤدي به إلى حرب أخرى يوقد نارها حاليا.
٨ - الحرب
يسود بعض العصور مناخ انتظاري، لكأن المنتظر رسول أو نبي أو مخلص أو كاهن يزع أمل انتظار التغيير أو الخلاص، هذا الانتظار هو من خصائص العصور النبوية في مسيرة التاريخ لكن العالم اليوم يعيش في مأزق الحاضر، لذا فهو لا ينتظر سوى الحرب كحل ممكن لسائر المشاكل. فمصيرنا - كما يبدو - معلق بحرب في حدي نهايتها المطلق أي الهزيمة أو النصر.
فالحرب في عصرنا هي الاستراتيجية السائدة في النظام الرأسمالي أو النظام السوفييتي، إنه إحدى الخصائص المأساوية لعصرنا. لكن هذا الإرهاص الاجتماعي المنتظر كما يبدو لا يهز الضمير المسلم بما فيه الكفاية.
في الحقيقة كثير من المسلمين، بل ثم جميعا، يستطيعون تقاسم هم الحرب مع غيرهم، لكن إطار توقعهم يقف عند هذا الحد، فهم يتصورون الحدث لكنهم غير ملتزمين به ولا متورطون بخططه ولا يسودهم تفكير أو استخلاص استراتيجي له بصورة أولية.
وكما أشرنا في الفصل السابق، فعالم العصر الحديث سينتهي وسيعقبه عالم جديد، وإذا ما جاء هذا العالم ولم يكن فيه للمسلمين أي دور محدد، ولا تقدير عوامله وقواه التي ستدخل في لعبة مستقبله الخاص ومستقبل أطفالهم، فإن علاج هذه الثغرة يأتي من استخلاص النتائج الممكنة من تلك الحرب القادمة، وهذا ما أحاول في هذه الأسطر استخلاصه في حرب كهذه ممكنة، فعلى ضوئها يمكن لنا أن نفهم بشكل أفضل مستقبل العالم الإسلامي الذي هو أساس هذه الدراسة في جزأيها الأول والثاني.