ومن هنا كان شعار القابلية للاستعمار شعار صدمة أطلقه بن نبي للتفكير في بناء النهضة الإسلامية من جديد، لكن صدمته أدت إلى موجة الاستهجان هذه التي لقيها صدور كتابه (شروط النهضة)، وبات من خلال هذه الصدمة مدعوا لطرح المشكلة من جديد في كتابه (وجهة العالم الإسلامي)، حيث الولادة الجديدة (Renaissance) لا بد أن تنطلق من خارج الدائرة التي رسمها الاستعمار، أي خارج القابلية للاستعمار، في الإطار الذي يتصل بالاطراد التاريخي لفاعلية الفكرة الإسلامية التي انطلقت من عاملين أساسيين: الفكرة الإسلامية التي هي أصل الاطراد، ثم المسلم الذي هو السند المحسوس لهذه الفكرة.
[القضية مشكلة حضارية]
فنشوء الدورة الحضارية يرتبط صعودا وهبوطا من حيث الأساس بالعلاقة العضوية التي تربط الفكرة بسندها، ومن هنا يبدأ دور الإنسان في بناء عالم محيط حوله تتحدد في إطاره قيم الأخلاق ومدى ارتباطها بالمثل العليا والجمال، ومدى التعبير عنها طبقا لهذه المثل بالفاعلية، وارتباطها بالمنطق العملي في تفعيل الوسائل ذات الارتباط الوثيق بالقيم الأخلاقية والجمالية والعمل التقني.
فالعناصر الأربعة: المبدأ الأخلاقي - المبدأ الجمالي- المنطق العملي ثم التقنية، هي الأساس التربوي الذي يحدد معيار الصعود والهبوط بقدر تضامن هذه العناصر في بيئه الفرد الذي هو السند الأساسي لمسار الحضارة.
فالاقتباس من أوروبا، والاتصال بالتطور الكمي في الهيمنة على مسيرة الإنسانية، يتطلب من القابلية للاستعمار أن تنظر إلى الظواهر الغربية الأوروبية على أنها مسألة نسبية لا تعبر عن الحقيقة المطلقة فى مسيرة