التقدم، ومن خلال ذلك يستطيع العالم العربي والإسلامي أن يعرف وجوه النقص في الحضارة الغربية، كما سيتعرف عظمتها الحقيقية، وبهذا تصبح الصلات والمبادرات مع هذا العالم أعظم خصبا، وحينئذ نستطيع أن نبقي مفهوما تبادليا تنسج عليه الولادة الجديدة للنهضة وخياراتها.
وهنا استكمل كتاب (وجهة العالم الإسلامي) نتائجه حينما انتهى إلى بناء طرائق جديدة في سبل النهضة التي بها يدخل العالم الإسلامي مسيرة
العصر، ومن هذه الزاوية بدا الجزء الثاني من وجهة العالم الإسلامي يعالج موضوعا في البنية الفوقية التي هي أساس تكوين الغرب وهو يسير إلى نهايته بعد الحرب العالمية الثانية.
فموضوع الجزء الثاني يعالج مسيرة العصر الحديث خارج نسق دراسة الجزء الأول. وإذا كان الجزء الأول من كتاب وجهة العالم الإسلامي قد انطلق من القضية الفلسطينية وهزيمة العالم العربي والمسلم أمام إسرائيل باعتبارها إحدى نتائج القابلية للاستعمار، لكن قيام دولة إسرائيل في فلسطين من ناحية أخرى بداية مؤشر انهيار الحضارة الغربية بعد الحرب العالمية الثانية، أي في مسيرة النصف الثاني من القرن الماضي؛ من هنا يأتي كتاب وجهة العالم الإسلامي في جزئه الثاني يراقب من بعيد هذا الانهيار في معطيات نتائجه، ويعالج في الوقت نفسه خطط مستقبل العالم الإسلامي بعد نشوء دولة إسرائيل، وقد تأهل نفسيا للخروج من مرض القابلية للاستعمار.
ولأن المراقبة المنهجية تعود إلى البدايات، لذا فهو يطرح القضية اليهودية في عمقها التاريخي من بداية تجسيدها في مسار الحضارة الغربية ومنهجها الاستعماري، ليستشرف تقلبها بكل موضوعية في سني النصف الثاني من القرن العشرين انطلاقا من معطيات الحاضر، وهكذا يضع سيناريو مبنيا على تتابع تاريخية ظاهرة الشتات اليهودي، ثم الحركة اليهودية وهي في هزيم