الحضارة الغربية الذي أرهصت به الحرب العالمية الأولى، ثم قضت الحرب العالمية الثانية على تماسكه في تفصيل تحليلي دقيق.
وفي إطار من التوقع المنطقي لمستقبل حركة اليهود، ابتداء من ظاهرة الشتات اليهودي في أوروبا إلى نهاية العصر الحديث، كان القسم الثاني من الدراسة مهتما والمدى الذي يستطيع فيه العالم الإسلامي، انطلاقا من تجربة الحاضر، أن يمارس دوره في طرائق جديدة لحضوره في المستوى العالمي حين يتأهل حاضره كحامل رسالة هي بلاغ الله إلى الإنسانية في بناء مستقبلها.
ومما زكى الجزء الثاني من الدراسة تلك التفاؤلية التي انصرف إليها
فكر بن نبي عقب نكبة فلسطين كبارق أمل لاح في أحداث برزت دفعة واحدة في المغرب والمشرق؛ وهي الثورة في مراكش ضد الاستعمار الغربي، وموقف محمد الخامس، وسياسة الوفد في عهد نحاس باشا ضد الوجود البريطاني في مصر، وإلغاء معاهدة ١٩٣٥، وقد أخذ ذلك مسارا ثوريا، ثم سياسة مصدق في إيران وتأميم مصافي عبادان ضد الشركات البريطانية، تحديدا في عام ١٩٥١، وهو التاريخ الذي آثار تفاؤل بن نبي، كما عبر عنه في مقدمة الكتاب فقال:
(إن الأحداث التي مرت عام ١٩٥١ رسمت للإنسانية عاما مفصليا على وجه العموم؛ حين أبرزت القضية المراكشية وحدة مسار غدت ضائعة وإلى الأبد منذ عهد تخلف العالم الإسلامي،
هذا الحدث الهام قد داهمني وبالخصوص على مستوى وجودي الشخصي، وقد فرض علي هذا كله فكرة هذا القسم الثاني من الدراسة كعمل مستقل نسبيا عن القسم الأول من (وجهة العالم الإسلامي)؛ إذ ربما الأوفى بي أن أخص بالصفحات التالية جيلا سيأتي ويعقب جيلي لنؤكد لهم، وهم بين أنقاض عالمنا، أن عليهم واجب بناء عالم خاص بهم.