القرن العشرين مهيمنا على أي نهضة أو تحرك في العالم الإسلامي والعربي ما دام طريقه لم يستقم في الخروج من مرض القابلية للاستعمار، فقد تبين له أن من تمام دراسته في الجزء الأول التي أفاض فيها نقدا لليقظة الإسلامية على سرير القابلية للاستعمار؛ أن يبسط في الجزء الثاني للجيل القادم معالم الطريق في عالم ما بعد الحرب العالمية الثانية؛ هذا العالم الذي سوف يفرز مسارا جديدا للاستعمار إذا لم يحل العالم الإسلامي والعربي مشكلته الأساسية، لأن الخروج من الاستعمار المباشر نحو الاستقلال السياسي؛ لا يكفي إذا لم يكن نتيجة الخروج من مرض القابلية للاستعمار في الجانب التربوي والثقافي ليرفع من كفاءته في مواجهة مستقبله.
[العصر الحديث ووجهة العالم الإسلامي]
[بداية تاريخية]
مع نشوء مصطلح (Renaissance) في بداية القرن التاسع عشر، كما تجلى في القرنين الخامس عشر والسادس عشر، كانت هنالك عملية إحياء تاريخي محدد المعالم والصفات، كامل الوجود والمقومات، ينسحب من عمق التراث اليوناني والروماني، ومن خلال هذه التطورات في نظم تطور أوروبا؛ انتقل مفهوم الثقافة إلى إطار أكثر تخصصا وتجريدا في بناء العلوم الاجتماعية والنفسية التطورية، وبدأ مصطلح (Renaissance) يشير إلى بعث وقيامة جديدة استقرت مع آلية عصر الأنوار تتمسك بمفهوم التقدم انطلاقا من المعطيات المضمرة للثقافة الغربية التي ارتبطت بالأرض والنزعة الكمية مع (أوجست كمت) والمادية الوثنية.
فكتاب شروط النهضة الجزائرية هو خلاصة انعكاس هذا الواقع على رؤية بن نبي في تحديد المنطلقات الرئيسية لسلسلة كتبه (مشكلات الحضارة).