في المشروع الإسلامي فيما استعرضنا بصورة مقتضبة أشرنا إلى مشروعين لهما كل اعتبار في ارتباطهما بما سميناه: المشروع الخارجي والمشروع الداخلي.
المشروع الداخلي نرى له أهمية مع أننا وضعناه جانبا لطابعه الخاص، وذلك في سبيل الاهتمام الذي أعطيناه للفصل السابق بصورة مكثفه منعتنا من الاهتمام بالمشروع الداخلي ببعض الشرح والتفصيل.
والواقع أننا حينما نستعيد مثلا الوجه المسيحي نرى طابعه التثليث والمحبة معا، وكذلك الوجه المسلم يبرز في عبارتين أساسيتين: الوحدة والأخوة {إنما المؤمنون إخوة}[الحجرات: ٤٩/ ١٠]، وهنا نتساءل: إلى أي مدى عكست هذه الحقيقة التاريخية حضورهما في المجتمع الإسلامي؟
من المؤكد أن هذا المجتمع قد مرت به مرحلة خاصة ومظلمة في تاريخه، حين انطلقت من القابلية للاستعمار والاستعمار معا، لكن الوضع الحاضر يبدو وكأنما هو على أبواب مخرج من هذه الثنائية.
لا شك أن ثنائية الاستعمار والقابلية للاستعمار قد شوهت القيم الدينية كثيرا، حين افتقدت الشعوب الإسلامية مشاعر الأخوة الإسلامية، التي كانت البساط الاجتماعي الذي افترشه المؤمنون الأول، يشد بعضه بعضا آصرة وحدة كانت رافعة الحضارة والتاريخ الإسلامي.
لقد أشرنا في القسم الأول من هذه الدراسة إلى الأسباب الداخلية التي فككت عرا الشعوب في البلاد الإسلامية حتى بين أهل المدينة الواحدة.