(ربما الأوفى أن أخص بالصفحات القادمة جيلا سيأتي؛ يعقب جيلي، لنؤكد لهم- وهم بين أنقاض عالمنا - أن عليهم واجب بناء عالم خاص بهم)[المقدمة ص ٣٠].
ربما كانت الحرقة البادية في كلمات مالك بن نبي هذه، وراء قراره الذي اتخذه يوم ٢٢ - ١ - ١٩٥٢ بحجب كتابه هذا عن النشر، عند فراغه من كتابة السطر الأخير منه.
وإذ يتولى , الأستاذ عمر مسقاوي، الوصي على فكر مالك الآن؛ الإفراج عن هذا الكتاب الوثيقة؛ ليصدر في ٢٢ - ١ - ٢٠١٢، بعد ستين عاما من حجبه، فإن ذلك يثير التساؤل أكان قد آنس في الجيل الجديد رشدا؛ يؤهله لوعي الرسالة التي يحملها؟!
وهذا التساؤل يثير بدوره سؤالا آخر: أكانت أعمال مالك بن نبي الأخرى؛ المنشورة على مدى ستين عاما، قد استقرت في وعي الأجيال التي تعاقبت خلالها، فتلمست عبرها طريق النهوض؟!
لقد أفنى مالك بن نبي عمره في استنهاض الإنسان المسلم، وتأهيله لاستلام راية الحضارة الإنسانية، التي أخذت تترنح في أيدي الغرب، لكن حجم الرواسب التي حملها المسلم معه إبان نكوصه الحضاري، كانت أكبر من طاقة مالك على تصحيح المسار؛ فعاش عمره غريبا يغرد خارج السرب، شأن كل الأنبياء والمصلحين.