لكي نفهم عالما ما لا يكفي أن ندرسه في مظاهره البادية فحسب، بل من خلال روحه التي تتوارى خلف مظاهره الرائجة، التي تبدو كمصباح سحري خفي يسقط شعاعه على شاشة التاريخ صورا معدة سلفا.
ما يهم الناظر هو ذلك الذكاء واليد التي تبدع هذا التاريخ الاصطناعي المزيف، والتي تكمن خلف هذا التاريخ وهي سبب نتائجه. إنها القوة التي تقود إلى مضاعفة المظاهر، التي نبادر لدرسها في وحدة أساسية تحزمها، لا تراها العين الذكية المدققة، لذا فهي عصية على من لا يعرف كيف يفكر فيها.
فهذا العالم قد أبدع العصر الحديث في تنوعاته المتسارعة والتي برزت في آلاف المظاهر المفاجئة: الديمقراطية. الشمولية. الرأسمالية. الماركسية. العبودية الشخصية. الاسترقاق. العمل الجماعي. الاستعمار. إعلان حقوق الإنسان. نظام الإنديجانا.
ولكن ... هل ثمة شيء ما خلف هذه العناوين وما توارد من هذه المظاهر؟
هل ثمة حقيقة ما تبدو خلف الكلمة نفسها (العالم الحديث)؟