وهذا ما يبدو من المقدمة التي افتتح بها مالك بن نبي دراسته في الجزء
الثاني من كتابه (وجهة العالم الإسلامي). يقول بن نبي:
(إن قدرا تميز بطابعه الغريب أحاط بالكاتب؛ يدعونا إلى أن نتمهل قبل أن نكتب مقدمة خاصة لهذه الدراسة التي استرسلنا فيها بعيدا عن حدودها، لنرى أولا إذا كان ما نكتبه يمكن نشره؛ فالقسم الأول من هذه الدراسة (وجهة العالم الإسلامي) الذي نشر في كانون الثاني / يناير ١٩٥١، والقسم الثاني الذي نحن بصدده الآن مختلفان من حيث طبيعتهما.
فالقسم الأول يمكن أن يعتبر في العمق اختصارا لدراسة داخلية للعالم الإسلامي، وبالخصوص (القابلية للاستعمار)، وهذا قد اقتضى العودة إلى استعراضنا خط تطور العالم الإسلامي من قيام حالة القابلية للاستعمار (عصر ما بعد الموحدين) إلى قيام حالة الاستعمار حينما استعمرت أوروبا المسيحية البلاد الإسلامية.
وبالمقابل فهذه الدراسة في القسم الثاني من (وجهة العالم الإسلامي) هي دراسة خارجية مستقبلية تركز على القضية الإسلامية في إطار القضية العامة التي سوف تأتي). فدراسة الجزء الأول من (وجهة العالم الإسلامي) تناولت شؤونا داخلية انتهت إلى الطرق الجديدة في التجدد النفسي والروحي، وهنا تلاقت دراسة الجزء الثاني من (وجهة العالم الإسلامي) مع الجزء الأول في قسمه الخاص بالتخطيط للدعوة الإسلامية، لكن القسم الأول من كل منهما بدا منفصلا عن موضوع (وجهه العالم الإسلامي) في جزأيه؛ لأنه انصرف إلى عميق رؤيته في مكونات العصر الحديث، وسره الخفي في لغز تأثير الفكر اليهودي في بناء العالم الأوروبي وظاهرة الاستعمار،
ولأن هذا العالم الغربي الأوروبي سيظل في مسيرة النصب الثاني من