كانت الجزائر مساحة التحليل التي انتهت إلى مفهوم القابلية للاستعمار؛ كواقع نفسي يحدد مرحلة معينة من واقع المعنى (المضمر) الذي رسخته الحضارة الإسلامية في عمق الجزائر , في مرحلة الأفول والانسحاب من المسار التاريخي للحضارات,
وكان كتاب (Vocation de L'islam) (وجهة العالم الإسلامي) تحديدا تنطلق فيه استراتيجية مماثلة لاستراتيجية ولادة أوروبا من جديد فى إطار مفهوم (Renaissance)؛ أي إعادة النظر في التراث القديم بعد تصفيته من جميع مؤثرات الحضارة الإسلامية التي أفلت بعد سقوط الأندلس.
فبن نبي في كتابه شروط النهضة الجزائرية تحدث عن الشروط السابقة للحمل، من أجل ولادة جديدة لنهضة الحضارة الإسلامية بعد تصفيتها من جميع مؤثرات عالم ما بعد الموحدين، والمصطلح الأوروبي هنا تحدث عن الوليد الجديد في عصر النهضة، في حين انطلق كتاب (شروط النهضة الجزائرية) من مفهوم القابلية للاستعمار؛ أي واقع الجزائر القائم، وشروط الحمل أولا ثم ولادة النهضة.
إن استراتيجية مفهوم تجديد النهضة (Renaissance) في كتاب شروط النهضة الجزائرية تختلف عن استراتيجية مصطلح تجديد النهضة كمفهوم (Conception) في التاريخ الغربي، رمن هنا (كما تحدث بن نبي في مقدمة الكتاب) كان أثر الاستهجان الذي لقية كتاب شروط النهضة من قرائه المتأثرين بالثقافة الغربية - كما ذكر في مقدمة الكتاب - ناشئا من اعتبار الغرب المصدر الوحيد لرؤية العالم, من هنا بدأت فكرة النهضة في المشروع العربي والإسلامي؛ تتجه نحو الخروج من هذا الواقع القائم؛ كدليل على الإحساس بالفارق بين واقع التخلف لديه وواقع نهضة أوروبا. لذا فهم يفكرون بالنهضة التي يرون نماذجها، ولا يفكرون في بناء نقد نهضوي للخروج من الواقع الذي يعيشونه.