للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالعالم الإسلامي سوف يشفى مع الزمن بدون شك من القابلية للاستعمار، وغضبته الحاضرة (أي أحداث عام ١٩٥١) ضد الاستعمار ستساعده بالتأكيد، ولكن كيف؟ ومتى سيشفى؟ إذا لم يبن على وعي منهجي له مقدماته ونتائجه).

ويؤكد بن نبي من خلال تجربته في عقدي الثلاثينيامت والأربعينيابت من القرن المنصرم مخاطر الولوج في دراسة كهذه؛ تكشف سر هذا العصر الحديث:

(ولدت في عصر يدرك نصف الذي يقال بوضوح، لكن الذي يقول كلمة حول النصف الثاني يحاكم بكل قسوة).

(بكل أسف! الاستعماريون فهموني بالنصف الآخر من كلمتي،

ونلت منهم ما أستحق، فأنا في أعينهم لا أسب الاستعمار بل أقتله وهو داخل البيضة، أخنقه من جذوره التي تمتد في مساحة القابلية للاستعمار).

هنا يؤكد مالك بن نبي أن مواجهة الحدث الأبرز فلسطين في العالم العربي والإسلامي؛ ليست في سب الاستعمار، كما أن أحداث عبادان في إيران (مصدق)، ومواجهة بريطانيا في قناة السويس لا تزال كلها مجرد حماس شعبي من روح القابلية للاستعمار، وإذن فالمشكلة لدى بن

نبي هي الخروج من هذا المرض من خلال وعي منهجي له مقدماته ونتائجه.

هذه المعطيات هي التي تقود نحو القضية اليهودية وأساسها في بناء أوروبا والعصر الحديث الذي يلخص مفهوم الاستعمار والعنصرية.

فالذي هو غائب عن الفضاء العربي حول دولة إسرائيل هو المنهج في الرؤية المستقبلة بعد الحرب العالمية، وهنا يقبل بن نبي المخاطرة؛ لأن خبرته نشأت من وعي عميق للمدى الذي يمارسه الاستعمار في الجزائر

<<  <   >  >>