كما في العالم العربي والإسلامي، كنموذج رصد للأفكار في المدى الاستخباراتي انتهى إلى سيادة العصر الإسرائيلي.
هذا العصر تنبأ به مالك بن نبي منذ العشرينيات في عبارته الشهيرة؛ في شهادته التي استعرضناها حين قال: إن القرن العشرين هو قرن اليهود -الدولار - المرأة.
ومن هذا التقديم الموجز لفكرته في الجزء الثاني من كتابه (وجهة العالم الإسلامي) يدخل بن نبي في صلب الموضوع، وهنا تتبدى لنا المشكلة اليهودية في معظم صفحاته من خلال بناء أوروبا التاريخي تحت شعار الاستعمار في سائر مظاهر حضوره العسكري أو العلمي أو الثقافي الذي أحاط بفراغ القابلية للاستعمار.
وبن نبي هنا يحاول أن يكشف السر الخفي للعالم الحديث الذي نجده مبسوطا في فصول هذا الكتاب، وهو يبدأ من اتجاه الشتات اليهودي مع بداية العصر المسيحي، وقد مكن ذلك لليهود القادمين ما لم يكن مألوفا
في الشرق؛ فقد جاؤوا أوروبا مشتتين منبوذين غير فاتحين، لكن الشعب الأوروبي أوسع لهم الإقامة، وغدوا في النهاية هم المسيرين الحقيقيين للعمل الأوروبي والثقافة والسياسة والحياة الاقتصادية، ومن هنا تبدأ فصول القسم الأول من الكتاب تتدرج في تفاعل الخطة التاريخية لليهودي من ناحية وللغوييم من ناحية أخرى، وقد تجسد ذلك في النهاية في الحضارة الغربية مع ظاهرة الاستعمار في كامل قوة هيمنتها على رؤية العصر الحديث.
إن القسم الأول من فصول الكتاب خارج موضوع الجزء الأول من كتاب وجهة العالم الإسلامي، لكنه بدا لازما لجيل الغد الذي اجتاز عقبة القابلية للاستعمار ليبني - بكل انفتاح - عالما جديدا في خطط جديدة طرحها في القسم الثاني الذي يصل القارئ بموضوعه الأساس في الجزء