وإذن لا نستطيع منذ الآن أن نقدر ساحة المعركة، فمن المؤكد في النهاية أن المدنيين والتجمعات الصناعية سيعمهم الخراب ويخلف وراءه الأرض المحروقة، فخصائص تقنية هذه الحرب تفرض نفسها وتنذر بخراب لا مرد له وفي كل مكان.
فمن الوجهة الاستراتيجية الخطوة الأولى لهذه الحرب ستعمد إلى تهديم المنابع الحيوية بصورة كلية وبالغة القساوة، بحيث لا تدع شيئا يدب، حتى إنها تلحق بالحصان وعربته، فالخراب سيتقدم حتى يشمل الوسائل الطبيعية للوجود الإنساني.
وتحقيق هذا الهدف سوف يرتبط بمصادر التموين وبالمواد الأولية وبالرجال الملونين في الجيش الأمريكي، لذا فإن الولايات المتحدة قد تنطلق من قواعدها الجوية لتقوم بهجوم ساحق واستراتيجي ضد روسيا الشمالية دفعة واحدة؛ لكن هذا يمكن أن يجابه باستراتيجية مماثلة وهي احتلال ألاسكا للوصول عبر كندا إلى أرض الولايات المتحدة.
وإذن فالحرب المنتظرة منذ الدقيقة الثانية ستعم المناطق القطبية والمناطق الاستوائية دفعة واحدة، بمعنى أن الحرب ستعم العالم الغربي كله وكذلك العالم الاسلامي.
وإذا وضعنا هذه الاعتبارات في المستوى الإنساني فهناك نتائج تفرض نفسها؛ فاحتلال روسيا لأوروبا الغربية سيعني بالضرورة انهيار الرأسمالية ثم تراجع الأفكار المسيحية التي تبنى عليها في المرحلة الحاضرة؛ وهما ما هو لازم بالضرورة للعنصر الأمني والعنصر الروحي.
وإذا كان الشائع اليوم القول بأن أوروبا خرجت من مرجعية المسيحية (Dechristanisé) فماذا سيقال في العالمية الثانية التي ستكون نتيجة للحرب التي نتحدث عنها؟ لا شك أن هذا يعتمد على حظوظ الحرب في