بن نبي، ورأيت إلحاحا في استكمال كامل تراث بن نبي، فهذا الكتاب يكشف عمق خلفية بعض دراسات مالك بن نبي في تحديده لطابع العصر الحديث.
وإذ إن المسار اليهودي في عمق مكونات العقل الأوروبي قد أخذ مداه إلى نهايته، وألقت أوروبا وأمريكا القناع أمام مصير الإنسانية بمثل ما فعل اليهود، وأضحت إسرائيل القوة الكبرى في الشرق الأوسط، وأنزل الستار عن سائر مهازل القرن العشرين في ساحتنا العربية والإسلامية، فإن كتاب بن نبي الغائب أو المغيب لا حرج عليه أن يأخذ مكانه في رواية العصر الحديث، فبن نبي لم يطرح المشكلة اليهودية لمحاكمتها بل لمحاكمة القصور الذي يعبر عنه بالقابلية للاستعمار، أما المشكلة اليهودية فقد عالجها بكل رصانة الباحث وبكل موضوعية واحترام، لقد أدان أذاها الخفي والمعلن في حرب على الحضارة الإسلامية، لكنه قدر في الوقت نفسه مدى فاعلية تخطيطها وتضامنها، هذا التضامن ووحدة الهدف في آليته الدقيقة شأن هام في منطق الفاعلية الذي هو أساس حيوية مشروع بن
نبي في طرح المنهج الفكري.
هذا الكتاب المترجم من الأصل الفرنسي نضيفه إلى السلسلة عملا بالتفويض المعطى لنا في وصية مالك بن نبي رحمه الله، وعسى أن نكون قد وفقنا في اجتهادنا.
وقد طلبت من صديقنا الدكتور رضوان السيد الكاتب والباحث في الحضارة الإسلامية والعصر الحديث الاطلاع على هذا الكتاب، فتفضل بقراءته وزودنا بكلمة حول هذه الدراسة، فشكرا على مساهمته القيمة.